عبد الله بن أحمدُّ ولد المختار رحمه الله : النَّاصح الأمين..

عبد الله بن أحمد النَّاصح الأمين..
جاء في تدوينة لمحمد باب بن شيخنا كرَّاي بن أحمدْ يورة: رحم الله استاذنا و معلمنا و ناصحنا فضيلة الامام عبد الله بن احمدو برحمته الواسعه و جزاه عنا كل خير . رحموا عليه يرحمكم الله.
و على تلك التدوينة، كنت من جملة المعلِّقين بما يلي:
 رحمه الله رحمة واسعةً.حفظ القرآن و أتقن تجويده في سن مبكرة على المقريء المشهور سيدي بن محمد بن والد و تضلع من العلوم المحظرية على يد العلامة محمد عالِ بن محنض و غيره قبل أن ينال من المعارف العصرية ما شاء اللهُ في معهد أبي تلميت أيامَ كان أساتذته علماء أجلاَّءَ من أمثال محمد علي بن عدود و محمد بن أبي مدين و غيرهما .ثم انتقل في الستينات إلى إحدى المؤسسات التعليمية في الكويت، فتخرج ضمن الجيل الرائد من المعلمين.
 كان مواظبا على القرآن يلتزم منه وردا أسبوعيا قدره ثلاث ختمات إحداهنَّ تلاوةً و الثانية قراءةً في المصحف و الثالثة في الصلاة في جوف الليل في الغالب.كان مريدا لشيخه في الطريقة القادرية و خاله الشريف أحمد محمود بن المختار اسلامه بن أحمدْ (المريد) بن حمدًا (ادًّا) بن عبد الله بن ألفغ مينَّحنَ بن مودي مالك.و كان كذلك ذا صلاتٍ روحية قوية بالعارفيْن بالله احمادَ بن محمدُّ بن ابَّا و قال عنه إنه بلغ مقام الرضى بالقضاء، و الشيخ عليٍّ الرضا بن محمد ناجي الصعيدي و أكَّد قولة شيخنا احمادَ و زاد عليها بوصفه بأنه من الصدِّيقين.
 لازم شيخنا الإمام في الشريعة و الحقيقة الشيخ بن حمَّ إمام المسجد الجامع في ابَّير التورس و مدير محظرة الشرفاء الصعيديين به و قويتْ الصلة بينهما طوال العقود الأخيرة إلى أن استقبله صباح اليوم في مقبرة "المدروم" فأمَّ صلاة الجنازة عليه و أشرف على دفنه بإزاء ذويه و منهم والده المنفق الجواد أحمدّ بن المختار و والدته الشريفة الصالحة عائشة بنت المختار اسلامه بن ادًّا و انفرد معه إلى أن باشر تلقينه. و هنالك علق أخوه الأكبر الوليُّ الصالح محمدن بن أحمدُّ بن المختار قائلا :" من هنا بدايةُ علاقتكما لا نهايتُها !" قلتُ: هي علاقة وصفها نجلُه الأكبر محمدن حفظه الله قبل قليل بعلاقة امتزاج المريد بشيخه ! فردَّ الشيخ قائلا:" هي فعلا كذلك لأنَّ القلوب تتراعى!"
 ظل الفقيد يشغل مدير المدرسة الإبتدائية بالقرية وينعقد حوله الإجماع لشغل أرفع المناصب السياسية بها قبل أن تتعثَّر صحته.كان الفقيد عبد الله بن أحمدُّ مع هذا كلِّه و فوق هذا كله هو الإمام الراتب لأحد مساجد القرية.كان ذا ثقافة واسعة و ضبط خارق و صدق فائق و هو حقيق فعلا بوصفه بالناصح الأمين.
 و من طريف ضبطه و الأمثلة فيه كثيرة مُثيرة ما شاء الله أنه أثناء المذاكرة اليومية برحبة المسجد الجامع في القرية في الثمانينات، تطرق الحاضرون عرَضا إلى ذكر تاريخ عودة الوالد محمد فال ببَّها (امّمْ) من منطقة الحوض حيث كان موظفا في حقبة الإستعمار و هو حدث مشهود لطول ما استغرق غياب صاحبه عن الحيِّ فأجمعوا جازمين على أنه حصل سنة 1946 م. و قد تحفظ صاحبُنا رحمه الله على ذلك التاريخ مؤكدا أن التاريخ الصحيح هو سنة 1945م .هنالك قال بعضهم و هم يسلمون له في المجال: " أما هذه فلن نسلِّمها لك إلَّا بالحجة و الدليل! عندئذ تذكر امَّمْ حفظه الله أنَّ لديه مفكرة من ذلك العهد قد تفيد في حسم الموضوع فذهب إلى منزلهم المجاور للمسجد بتواضعه المعهود ليعود بالمفكرة المذكورة فتبيَّن من خلالها أنَّ صاحبَنا هو الفائز في الرِّهان و لكن بفارق بسيط إذ جاء ضبطُ التاريخ موضع الخلاف بأنه يوم 31 دجمبر 1945م!.
قال الشيخ علي الرضا بن محمد ناجِ : لو كان الرجل في عهد جمع الحديث لأصبح من كبار رجالاته..
ولد الفقيد سنة 1936 م و توفي في مستشفى الصداقة في حوالى الساعة الثانية من صباح اليوم الأحد  06 دجمبر 2015 م أي عن عمر يناهز الثمانين بالتقويم الميلادي و يزيد عليه في التقويم الهجري بمقدار يسمو به إلى مصاف من يرجى لهم الخير من المسلمين.
 من القصص المأثورة عن العلامة محمد بن محمد سالم أنه سأل تلامذته يوما قائلا بعد أن تقدمت به السن: أتدرون ما أرجى ما لديَّ ممَّا ألقى به الله ؟ فانطلقوا في إجاباتهم يعدِّدون صنوف أعمال البر التي درج عليها منذ نعومة أظفاره من بثّ العلم في قلوب الرجال و خدمة الدين بالتدريس و الأنقال و حفر الآبار في المناطق الموحشة المعطشة و الإجتهاد في تأدية الفرائض و النوافل و كثرة الإنفاق في الآفاق إلى غير ذلك ممّا يكثُر ذكره و يتعذر حصرُه.عندئد تدخل الشيخ فقال: لا هو شيءٌ من كل ما استحضرتم فذكرتم بل إنه مجرد هذه الليالي التى فاضت عن الثمانين من عمري و الحمد لله.
 اللهمَّ اغفر له و ارحمْهُ و بارك في خلفه و ألهمهمُ الصبر و السلوان و إنا لله و إليه راجعون..

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...