المكتبة العُمَرية ..

المكتبة العُمَرية ..
منقول عن مدونة المعارف التيجانية  بدون تصرُّف..
لما احتلت القوات الفرنسية، سنة 1890م، مدينة سيغو، لم تلبث أن وقعت على خزانة هامة للمخطوطات العربية. وهي عبارة عن مكتبة الحاج عمر التي جمعها خلال رحلته العلمية الطويلة وآلت ملكيتها، بعد وفاته، إلى ابنه أحمدُ شيخو.
وقد صادر العقيد آرشينارد هذه الخزانة ونقلها إلى باريس، حيث تم حبكها بين سنتي 1898 و1901م وإيداعها في المخزون العربي من المخطوطات المشرقية.
وفي سنة 1925م، نشر إدموند ابلانشى عملا كتابيا عن المخطوطات العربية التي اقتنتها المكتبة الوطنية الفرنسية بين سنتي 1884 و1924م وأشار إلى وجود هذه المجموعة المدعوّة غالبا مكتبة أحمدُ أو خزانة آرشينارد. ولكنه لم يُفصِح عن محتوياتها. إلى أن قام الأستاذ جورج فاجدا، سنة 1950م، بنشر مقال عنوانه:" مساهمة في التعريف بالأدب العربي في إفريقيا الغربية" عَرَضَ فيه لتحليل مسهب لوثائق هذه المكتبة. ثم نشر سنة 1953م مقالا آخر ضمّنه جردا لنفائس المكتبة، هو الأول من نوعه. وذلك في إطار الفهرسة العامة للمخطوطات العربية في المكتبة الوطنية الفرنسية، التي تمت إعادة نشرها، سنة 1967م، في دليل مصادر تاريخ إفريقيا، بإشراف من اليونسكو.
وكان الأستاذ هـ. ف. س. اسميث، قد لفت الإنتباه، سنة 1959م، إلى أهمية هذه المجموعة، في مقال نشره تحت عنوان:" المخطوطات العربية مصادر لتاريخ السودان الغربي: أرشيف سيغو نموذجا".
إلا أن الجرد التام والمفصَّل، هو دون أدنى شك، ذلك الذي انطلق سنة 1979م، واكتمل سنة 1982م، وصدر سنة 1985م. وهو ثمرة سنوات طويلة من عمل فريق دولي من الباحثين ينتمون لدول عديدة: الولايات المتحدة الآمريكية، تونس، النيجر، مالي، فرنسا. ويختلف عن الجرد السابق في أنه يذكر جميع المخطوطات مهما كان مصدرها ومهما كان المؤلف مجهولا.
 وتمثل هذه المجموعة واحدة من أغنى خزانات المخطوطات العربية في إفريقيا جنوب الصحراء وأحسنها حظا من حيث ظروف الحفظ. إذ تضم 518 مجموعا أي ما يمثل .120.000 ورقة تزن أكثر من نصف طن.
 علاوة على ما تزوِّد به من إنارة الطريق التي سلكتْها العلوم والمعارف الإسلامية إلى إفريقيا الغربية، فإنها تجلو الظلام عن التاريخ السياسي والإجتماعي لهذه المنطقة في القرن التاسع عشر الميلادي، بما توفره من رصيد جديد في هذا الشأن. هذا، إضافة لما تحويه من مصادر التاريخ الإقتصادي لنفس المنطقة كالوثائق الإحصائية لدافعي الزكاة ولرؤوس المواشي ولحصاد الغَلّات ولأعداد العبيد الذين غنمهم جيش الحاج عمر، فضلا عن إحصائيات لقطع السلاح وللذخيرة ولأعداد المقاتلين وقوائم بأسماء القُرى وعقود تجارية إلخ...
 وهي وثائق لمنطقة جغرافية واسعة تمتد من فوتا تورو إلى أراضي الهوسا مرورا بفوتا جالون وماسينا ومنطقة تنبكتو.
 وهكذا، فإن مخطوطات دينة ماسينا وقبيلة كنته ودولة سوكوتو، أي المكامن الرئيسة للحراك الثقافي في غربي إفريقيا في ذلك العهد، مُمَثَّلةٌ في هذه المجموعة.
وتزيد مخطوطات آل عثمان دان فوديّ، في المجموعة، عن 400 مخطوطا، دون احتساب النسخ المكرّرة، تشكل أساسا مؤلفات ورسائل لعثمان نفسه ولأخيه عبد الله ثم لابنه محمد بلُّ.
 كما تضم المجموعة عددا هاما من مؤلفات الشيخ سيدي المختار الكبير وابنه سيدي محمد، من بينها هذه العناوين التي تعتبر، في رأينا، أكثر المؤلفات تمثيلا للأدب الكنتي:
- جذوة الأنوار في الذب عن مناصب أولياء الله الأخيار، في التصوف
- الجرعة الصافية والنفحة الكافية، في علم الشريعة
- فتح الودود بشرح تحفة المودود، في اللغة العربية
- زوال الإلباس وطرد الوسواس الخنّاس، في التصوف
- نفح الطيب في الصلاة على النبي الحبيب
- جُنّة المُريد دون المَريد، في التصوف
- الطرائف والتلائد، في التراجم والسِّيَر
 هذا، ويوجد بين مخطوطات المجموعة وثائق باللغة الفلّانية هي عبارة عن نصوص بيداغوجية كان يُسترشَد بها في منطقتي ماسينا وفوتا جالون.
 من بين رصيد المجموعة كذلك: عدد هام من مؤلفات الحاج عمر وكتاباته عموما ونسخٌ من المصادر التي اعتمدها. ويعتبر كتاباه: الرماح، وبيان ما وقع في طليعة مؤلفاته دون ريب.
 ومن الجدير بالذكر أن بعض مخطوطات مكتبة الحاج عمر تال هذه هي نسخ يتيمة.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...