من ديوان الشعر الفصيح : أفْنُورُ زينة الأحياء..

أفْنُورُ.. زينة الأحياء
الحمد لله إذ ذا الحي لي جار == نعم الجوار ونعم الجار و الدار
أَفْنُورُ حي هني لا مثيل له == ما إن يعوز به ما ء و أنوار
تفجّرت فيه عين لا نضوب لها == تسيل من فيضها في الطرق انهار
من باطن الأرض لا بالبحر منبعها == فلا يكون بها للحي أخطار
يمدها الصرف و الإملاء إن حُسرت == و في الخريف يمد العين أمطار
صرف الزمان أبى عن صرفها و لذا == لم يبق مذ غَمرت للأرض آثار
و الصرف إن ينتمي لصحة صَرفتْ == عنه صُروفٌ فما تغشاه أبصار
أحيتْ من الأرض بعضا شاق منظره == فازَّيَّنت وعلت في الجو أشجار
وقد تفتقت الأزهار مرسلة == فوحا يزول به هم وأكدار
وترسل الطير في الأغصان مائسة == لحنا تجيش به في النفس أوطار
كأن روضا بها قد زانها أُنُفاً == له بذكرى قديمِ الشوق إشعارُ
فالروض قد ضر أقواما ومن عجب == روض يكون به للناس إضرار
والدور في حينا عن هتك حرمتها == فالماء تمسكه حجب وأستار
وقد يزور لماما دورنا و له == في زوره الدور احوال وأطوار
ونور الله من هدي بصيرة من == يأوي إليه به تقر أنظار
نور من الحق لا ينفك يسطع في == تلك البصائر إذ للنور أسرار
لم ينكسف ابدا ولا يدور و ذا == نور المصابيح في الأحياء دوار
يزور كالطيف إن غاب الرقيب وإن == لام العذول فما ذا النور زوار
لكنما الجار في ذا الحي يرفعه == قدرا فليس لهذا الحي أنظار
أما ترى الشرفاء الراسخين له == بهم صعود به تفوز أمصار
إذ البشير النذير النور جدهم == يهدون من أعرضوا عنه ومن حاروا
مبشِّرين به و منذرين فكمْ == بالحق كان لهم بشرى وإنذار
هم الهداة لأرواح إذا جنحت == والنفس من غيها للناس أسوار
فالخير قد جاء مذ جاؤوا ومقدمهم == للشر كان به صد و إدبار
إنا بيمنهم الناجون من ضرر == مهما به سام أبرار و فجَّار
أما ترى العلماء العاملين به == تسمو بمقدمهم للحي أقدار
فيه المظالم والفتيا يقوم لها == محمد حكمه في الشرع مختار
و ينشر العلم في الأرجاء محتسبا == تناقلت بثه للعلم أخبار
كل الأئمة في الأقطار أمهم == فإن يقف يقفوا و إن يسر ساروا
أما ترى المنفقين المحسنين لهم == إلى العفاة به بذل وإيثار
فتارة بذلهم يكون في علن == وتارة لهم في بالبذل إسرار
أَفْنُورُ زينة ذي الأحياء فاق علا == كأنه علم في رأسه نار
إنا نرى القوم في ذا الحي دام لهم == نحو المساجد تغليس و إبكار
لا يفترون عن الأذكار ديدنهم == بذي المساجد أذكار و إعمار
فالخير يعملهم والشر يُهْمِلهمْ == سيان في الحي عمال وتجار
ذو التجر لم يلهه لهو و لا لعب == عن الاله و لا نغم و أوتار
وذو الوظيفة ما أثنت وظيفته == عن الوظيفة إذ في تركها عار
كم أم مسجدنا في الحي ذو رتب == علية فارس في الحرب مغوار
كذا النواب إذا تنوب نائبة == ما دار عنهم بها في الحي ديار
و العاطلون عن الأعمال ليس لهم == في الحي طيش فما ثاروا وما جاروا
.هم الهداة به المهدون ما سئلوا == في العلم تسعفهم آي وآثار
مرابطون على ثغر الهداية لا == يحوم حومتهم غل و لا ثار
تزهو المنابر مهما ينبرون بها == كأنما فوقها زيد و عمار
فيطلقون لنصر الله ألسنة == سديدة أهلها في القول أحرار
الجانحون الى سلم و إن طمست == ملامح الحق هم للحق ثوار
فتارة لهم ذكر بمسجدنا == وتارة لهم درس و تكرار
حتى الكلاب به أضحت مسالمة == ما ريء كلب بهذا الحي غدار
تشربت من طباع القوم أحسنها == إن الجوار لطبع الجار جرار
لها السلامة منا في الجزاء فما == تُجْزى الكلاب كما يجزى سنمار
كذا البعوض فما عض البعوض به == باس فليس له في الحي أضرار
.و صوته نعمة في طي نقمته == فما تمر سدى بالذكر أسحار
كسبحة إذ به تنبيه من غفلوا == من الأنام لهم بالصوت تذكار
للنا بهين به تهجد ويرى == للغافلين به شفع و أوتار
إن يحمل الناس للتنظيف حملتهم == كانت لذا الحي في التنظيف أدوار
فما له حُمَةٌ تُنْمَى و إن له == وقاية ساقها عدل و غفار
وما به تغلق الأبواب إن طَرقت == أبواب ذا الحي عند الحاج زوار
فهم مفاتيح خيرٍ غُلِّقتْ بهمُ == أبواب شر فلا تجتاز أشرار
فنعم جيراننا إ
ذ  في جوارهم == طاب المقام لنا فالقوم أبرار
كأننا مذ نزلنا الحي حيَّهُمُ == مهاجرون وهم في الحي أنصار
يدوم جودهم فينا وعلمهم == في هيبة و به ورد وإصدار
هم السعيدون لا يشقى جليسهم == فإن جيراننا في الناس أخيار
إني بذا الحي لا أبغي به بدلا == مهما المقام به ساقته أقد ا ر
كم سعر ذي الدار قال الخل قلت له : == إن الجوار له تُحَدُّ أسعار
فلا تُغَرَّ بما من سوء مظهرها == أبدت ومن جُدُر تكاد تنهار
 فالدار بالجار لا بالحسن قيمتها ++ يحط من قدرها أو يرفع الجار

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..