النكتة و الطرافة في أدب الشيخ أحمدُّ بمب ..
النكتة و الطرافة في أدب الشيخ أحمدُّ بمب ..
روى الدكتور محمد بن أحمد مسكه في كتابه النفيس عن سيرة الشيخ أحمدُّ بمبَ (و هو مرجعي في هذه التدوينة)حاكيا عن العلامة عبد القادر الكمليلي، أنه سأل الشيخ باب بن حمدي ذات يوم عن الشيخ أحمدُّ بمب فقال له: " اعلم منه ثلاثة أمور: أنه عالم و ولي و أديب.
أما العلم فقد تكلمت معه فوجدته لا يخطئ الصواب في مواضع الغلط الكثير من العلماء. وولايته عندي لها دلائل يقينية. وأغرب شيء عندي أدبه المفقود في بني الزمن ".
كان الشيخ أحمدُّ بمب رضي الله عنه سريع الجواب مع الإصابة فيه. سُئل مرة عن التوبة فقال:" التائب كالواطئ على الجمر ينزع رجله سريعا ولا ينوي أن يعيدها".
قال عنه أحد المقربين منه:" كان الشيخ رضي الله عنه مع شدة مكابدته للعبادة وانقطاعه إليها بالكلية، خفيف الروح حاضر البديهة ذا نكتة طريفة ".
أتاه يوما بيضاني فقال له: يسلمون عليك بنو فلان، فقال الشيخ: " سبحان الله أبلغة أكلوني البراغيث"؟
و حدث يوما أحد مريديه من البيضان، واسمه عبد الله فقال له الشيخ: كن عبدا لله، فقال المريد: كنته فأجاب الشيخ:
فِي كُنْتُهُ الْخُلْفُ انْتَمَى...
و في ذلك إشارة بداهةً إلى قول ابن مالك:
" وصِلْ أو ٱفْصِلْ هاءَ سَلْنِيهِ وما == أشبهه في كنتُهُ الخلفُ انتمَى".
و قال له هذا المريد مرة: المسجد فيه البراغيث، فقال الشيخ: " المسجد فيه ما فيه ".
وأتاه مرة ثلاثة من الزوار يطلبون المال فأعطاهم سبع أواق من الفضة فذهبوا عنه ثم تمالؤوا وعادوا إليه وقالوا له: يا شيخ نحن لم نستطع قسمة هذه الأواقي على ثلاثة، فقال: إن شئتم قسمتها بينكم قسمة الأقدار، فقالوا: نعم. فأعطى واحدا خمس أواق، وأعطى واحدا أوقيتين، ولم يعط الثالث شيئا، وقال لهم: هكذا قسمة القدر يمنح واحدا كثيرا ويمنح آخر دون ذلك ويحرم آخر، فضحك الحاضرون، وضحك الشيخ، ثم أكمل لكل واحد منهم خمس أواق.
وكان مرة مع جماعة وفيهم ابنه و خليفته الشيخ محمد المصطفى، وكان وقت الغداء قد حان، وهم في منزل الشيخ محمد المصطفى، فأراد الشيخ أن يذهب فقال له الشيخ محمد المصطفى: رابعة الطوال حاضرة، فقال الشيخ: ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى﴾، وذهب ولم يفهم الحاضرون المعنى، فسألوا الشيخ محمد المصطفى عن ذلك، فقال لهم: قلت له إن المائدة حاضرة، فأجابني بأنه صائم، ولكنه لم يرد التصريح بذلك خوفا من الرياء. و المائدة هي الرابعة في ترتيب السور في القرآن!
وفي "إرواء النديم" أن الشيخ كان يكثر الارتحال برحيل آل الشيخ سيديا طلبا للمرعى، وذلك في تغريب النصارى له إلى بلاد البيضان، وكان معه كثير من المريدين ، فشق عليه الارتحال ، فطلب من آل الشيخ المسامحة في التخلف عنهم و اعتذر بهذا البيت القديم مُحَرَّفا:
وَلَوْ نُعْطَى الْخِيَارَ لَمَا افْتَرَقْنَا
وَلكِنْ لا خِيَارَ مَعَ الْحَشِيشِ !
ومنها أنَّ العالمين الجليلين محمد عال بن عبد الودود و عبد الله العتيق بن ذي الخلال قدما عليه ومدحاه بقصيدتين.
أما قصيدة محمد عال فقد علق على بعضها بما يفيد أنه فهم فيها كلمات فيها بُعْدٌ عن الأفهام مما يدل على ذكائه وتبحره في علوم العربية.
قال محمد عال:
يَا رُوحَ جِسْمِ الْوَرَى يَا زَيْنَ كُلِّ نَدِي == بَقِيتَ مَا بَقِيَ الْإِسْلامُ فِي الْبَلَدِ
إلي أن قال:
وَالْيَمُّ أجرى سَفِينًا وَهْوَ مُغْتَلِمٌ == مِنْ فَيْضِكَ الْجَمِّ مَنْفُوضٌ مِنَ الْحَسَدِ
فقال الشيخ أحمد بنبه: مصاب بالحمى النافض
ثم قال الشيح محمد عال بعد أبيات:
إِذَا الْحَيَا أَخْلَفَتْ قَوْمًا مَوَاطِرُهُ == جَلَوْا إِلَيْهِ وَإِنْ جَلُّوا بِلا نَكَدِ
فقال الشيخ أحمد بنبه: جَلَّ مِثْلُ جَلاَ
إلى أن قال الشيخ محمد عال:
مَا لِي حَكِيمٌ إِلَيْهِ مُنْتَهَى قُلُصِي == إِلاَّ الَّذِي خَلَقَ الإِنْسَانَ فِي كَبَدِ
فقال الشيخ أحمد بنبه: حكيم بن المسيب
يعني أن الشيخ محمد عال يشير إلى بيت القحيف العقيلي في حكيم بن المسيب أحد بني قشير:
فَمَا رَجَعَتْ بِخَائِبَةٍ رِكَابٌ == حَكِيمُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مُنْتَهَاهَا
و أما قصيدة عبد الله العتيق و مطلعها:
لِلَّهِ وَهْمٌ غَدَا مِنْ وَخْدِهِ حَرَضَا == سَحَّ الحَمِيمُ عَلَى أَعْطَافِهِ رَحَضَا
إلى أن يقول:
عَافِيكَ طَالِعُهُ سَعْدٌ وَمَرْتَعُهُ == سَعْدَانُ تُوضِحَ لاَ إِلْبُ عَلَى ضَضَضَا
فإنه لما فرغ من إنشادها قال الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ وَ الشُّعَرَاءُ يَتْبَعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ﴾ وسكت، فقال له عبد الله العتيق: واصل قراءتك يا شيخُ. فضحك الشيخ و وضع يده في يد عبد الله العتيق؛ و الإشارة في ذلك إلى قوله تعالى عقب الآية السابقة: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ !
ثم إن عبد لله العتيق سأل الشيخ عن معنى كلمة من العربية ورد ذكرها خلال الحديث، فقال الشيخ: "سبحان الله! ابن ذي الخلال يسأل عن كلمة من اللغة العربية!". وكان عبد الله العتيق من كبار علماء اللغة.
أما العلم فقد تكلمت معه فوجدته لا يخطئ الصواب في مواضع الغلط الكثير من العلماء. وولايته عندي لها دلائل يقينية. وأغرب شيء عندي أدبه المفقود في بني الزمن ".
كان الشيخ أحمدُّ بمب رضي الله عنه سريع الجواب مع الإصابة فيه. سُئل مرة عن التوبة فقال:" التائب كالواطئ على الجمر ينزع رجله سريعا ولا ينوي أن يعيدها".
قال عنه أحد المقربين منه:" كان الشيخ رضي الله عنه مع شدة مكابدته للعبادة وانقطاعه إليها بالكلية، خفيف الروح حاضر البديهة ذا نكتة طريفة ".
أتاه يوما بيضاني فقال له: يسلمون عليك بنو فلان، فقال الشيخ: " سبحان الله أبلغة أكلوني البراغيث"؟
و حدث يوما أحد مريديه من البيضان، واسمه عبد الله فقال له الشيخ: كن عبدا لله، فقال المريد: كنته فأجاب الشيخ:
فِي كُنْتُهُ الْخُلْفُ انْتَمَى...
و في ذلك إشارة بداهةً إلى قول ابن مالك:
" وصِلْ أو ٱفْصِلْ هاءَ سَلْنِيهِ وما == أشبهه في كنتُهُ الخلفُ انتمَى".
و قال له هذا المريد مرة: المسجد فيه البراغيث، فقال الشيخ: " المسجد فيه ما فيه ".
وأتاه مرة ثلاثة من الزوار يطلبون المال فأعطاهم سبع أواق من الفضة فذهبوا عنه ثم تمالؤوا وعادوا إليه وقالوا له: يا شيخ نحن لم نستطع قسمة هذه الأواقي على ثلاثة، فقال: إن شئتم قسمتها بينكم قسمة الأقدار، فقالوا: نعم. فأعطى واحدا خمس أواق، وأعطى واحدا أوقيتين، ولم يعط الثالث شيئا، وقال لهم: هكذا قسمة القدر يمنح واحدا كثيرا ويمنح آخر دون ذلك ويحرم آخر، فضحك الحاضرون، وضحك الشيخ، ثم أكمل لكل واحد منهم خمس أواق.
وكان مرة مع جماعة وفيهم ابنه و خليفته الشيخ محمد المصطفى، وكان وقت الغداء قد حان، وهم في منزل الشيخ محمد المصطفى، فأراد الشيخ أن يذهب فقال له الشيخ محمد المصطفى: رابعة الطوال حاضرة، فقال الشيخ: ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى﴾، وذهب ولم يفهم الحاضرون المعنى، فسألوا الشيخ محمد المصطفى عن ذلك، فقال لهم: قلت له إن المائدة حاضرة، فأجابني بأنه صائم، ولكنه لم يرد التصريح بذلك خوفا من الرياء. و المائدة هي الرابعة في ترتيب السور في القرآن!
وفي "إرواء النديم" أن الشيخ كان يكثر الارتحال برحيل آل الشيخ سيديا طلبا للمرعى، وذلك في تغريب النصارى له إلى بلاد البيضان، وكان معه كثير من المريدين ، فشق عليه الارتحال ، فطلب من آل الشيخ المسامحة في التخلف عنهم و اعتذر بهذا البيت القديم مُحَرَّفا:
وَلَوْ نُعْطَى الْخِيَارَ لَمَا افْتَرَقْنَا
وَلكِنْ لا خِيَارَ مَعَ الْحَشِيشِ !
ومنها أنَّ العالمين الجليلين محمد عال بن عبد الودود و عبد الله العتيق بن ذي الخلال قدما عليه ومدحاه بقصيدتين.
أما قصيدة محمد عال فقد علق على بعضها بما يفيد أنه فهم فيها كلمات فيها بُعْدٌ عن الأفهام مما يدل على ذكائه وتبحره في علوم العربية.
قال محمد عال:
يَا رُوحَ جِسْمِ الْوَرَى يَا زَيْنَ كُلِّ نَدِي == بَقِيتَ مَا بَقِيَ الْإِسْلامُ فِي الْبَلَدِ
إلي أن قال:
وَالْيَمُّ أجرى سَفِينًا وَهْوَ مُغْتَلِمٌ == مِنْ فَيْضِكَ الْجَمِّ مَنْفُوضٌ مِنَ الْحَسَدِ
فقال الشيخ أحمد بنبه: مصاب بالحمى النافض
ثم قال الشيح محمد عال بعد أبيات:
إِذَا الْحَيَا أَخْلَفَتْ قَوْمًا مَوَاطِرُهُ == جَلَوْا إِلَيْهِ وَإِنْ جَلُّوا بِلا نَكَدِ
فقال الشيخ أحمد بنبه: جَلَّ مِثْلُ جَلاَ
إلى أن قال الشيخ محمد عال:
مَا لِي حَكِيمٌ إِلَيْهِ مُنْتَهَى قُلُصِي == إِلاَّ الَّذِي خَلَقَ الإِنْسَانَ فِي كَبَدِ
فقال الشيخ أحمد بنبه: حكيم بن المسيب
يعني أن الشيخ محمد عال يشير إلى بيت القحيف العقيلي في حكيم بن المسيب أحد بني قشير:
فَمَا رَجَعَتْ بِخَائِبَةٍ رِكَابٌ == حَكِيمُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مُنْتَهَاهَا
و أما قصيدة عبد الله العتيق و مطلعها:
لِلَّهِ وَهْمٌ غَدَا مِنْ وَخْدِهِ حَرَضَا == سَحَّ الحَمِيمُ عَلَى أَعْطَافِهِ رَحَضَا
إلى أن يقول:
عَافِيكَ طَالِعُهُ سَعْدٌ وَمَرْتَعُهُ == سَعْدَانُ تُوضِحَ لاَ إِلْبُ عَلَى ضَضَضَا
فإنه لما فرغ من إنشادها قال الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ وَ الشُّعَرَاءُ يَتْبَعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ﴾ وسكت، فقال له عبد الله العتيق: واصل قراءتك يا شيخُ. فضحك الشيخ و وضع يده في يد عبد الله العتيق؛ و الإشارة في ذلك إلى قوله تعالى عقب الآية السابقة: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ !
ثم إن عبد لله العتيق سأل الشيخ عن معنى كلمة من العربية ورد ذكرها خلال الحديث، فقال الشيخ: "سبحان الله! ابن ذي الخلال يسأل عن كلمة من اللغة العربية!". وكان عبد الله العتيق من كبار علماء اللغة.
و تتميما للفائدة روى الدكتور محمد حفظه الله و رعاه بخصوص هذه الزيارة حكايتين مفيدتين أولاهما عن محمد عال مباشرة و الثانية عن التندغي بن عبد الله العتيق .
قال أخبرني شيخنا العلامة الصالح الشريف محمد عال بن عبد الودود قال : استدعاني الشيخ و شرع يفسر لي هذا البيت من ألفية ابن مالك:
وَمَا لِذِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورِ == كَأَنْتَ وَهْوَ سَمِّ بِالضَّمِيرِ
فعجبت من اعتنائه بي و لا أدري أتفسيره لي لبيت من الألفية إشارة إلى أني سأكون من أهل النحو أم ماذا يعني ذلك؟ قال محمدْ: شرحه له شرحا صوفيا.
و قال محمدْ :أخبرني التندغي بن عبد الله العتيق أن والدته الرابية بنت الدَّدَوْ أخبرته أن زوجها عبد الله العتيق لما أتى الشيخ و أنشده القصيدة، قال له الشيخ: "إنه سيولد لك ولد فأعطه هذه الأوراق إذا كبر، فقد أعطيته سرها. فلما كبر التندغي أعطوه تلك الأوراق وفيها أدعية وأسرار !
قال أخبرني شيخنا العلامة الصالح الشريف محمد عال بن عبد الودود قال : استدعاني الشيخ و شرع يفسر لي هذا البيت من ألفية ابن مالك:
وَمَا لِذِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورِ == كَأَنْتَ وَهْوَ سَمِّ بِالضَّمِيرِ
فعجبت من اعتنائه بي و لا أدري أتفسيره لي لبيت من الألفية إشارة إلى أني سأكون من أهل النحو أم ماذا يعني ذلك؟ قال محمدْ: شرحه له شرحا صوفيا.
و قال محمدْ :أخبرني التندغي بن عبد الله العتيق أن والدته الرابية بنت الدَّدَوْ أخبرته أن زوجها عبد الله العتيق لما أتى الشيخ و أنشده القصيدة، قال له الشيخ: "إنه سيولد لك ولد فأعطه هذه الأوراق إذا كبر، فقد أعطيته سرها. فلما كبر التندغي أعطوه تلك الأوراق وفيها أدعية وأسرار !
Commentaires
Enregistrer un commentaire