ذكريات مع العبد الصالح أحمدْ بن الهادي رحمه الله.

من أعظم النعم التي منَّ الله علي بها في حياتي معرفتي للعبد الصالح أحمدْ بن الهادي رحمه الله.
صادفته في بداية الدراسة الجامعية منتصف السبعينات في  الرباط فنشأت بيننا ألفة غريبة و تقاسمنا فناءَ البيت في عمارة الكنزره و لقمة العيش و ظروف الدراسة لغير الممنوحين من الطلاب! و من فضله علي و ما أكثره أن تعدَّتْ معرفتي إياه و ما في ذلك تعدٍّ إلى مجموعة طيبة من محيطه الطيب الخاص.من تلك المجموعة المنصور بن فتى و محمدْ بن ابَّاه و أحمدو بن المجتبى و إخوته و باباه ولد الحافظ و محمد الحافظ بن الطلبه و السيد بن ابَّاه و غيرهم.كان هذا الأخير آنذاك طالبا في إحدى الثانويات في مرّاكش و كان له صديق في الدراسة لا يفارقه اسمه محمد.و في إحدى مراحل الدراسة التحق بنا الأستاذ الخليل النحوي أبّان فترة الإمتحانات و كان مسجلا في السنة الأولى من القانون.جاءت النتائج فإذا به الأول في الترتيب في قسمه مثله مثل ستة من الطلاَّب الموريتانيين في شتى المؤسسات من بينهم المنصور في المدرسة الإدارية ولكن في المعهد العالي للصحافة أيضا لأنه الناجحَ الفعليَ لا أنا إذ هو من كان يلقنني الدروس و لم يكن بينها و بين دروسه من قاسم مشترك سوى شذرات باهتة من القانون.لم يكن الجد في الدراسة يحجبنا عن يسير من الدعابة المسؤولة يتصدرها الأدب.يقول الأستاذ الخليل:
السيِّدُ المفضالُ نعم السيِّدُ == و صديقُه نعم الصديق محمدُ
خلاّن قد آختهما مُرَّاكشٌ == محمدٌ هذا و هذا سيِّدُ
 جرتْ انتخابات النواب و شارك فيها الوزير الأَوَّل أحمد عصمان و مضى في حملته إلى وجده في شهر يونيو 1977 دون أن يوقع صكَّ الآمَامْكُو فكان من نتائج ذلك على الطلاب أن لجأوا في تلك المرة إلى "استخدام" بعض ملابسهم الشتوية في فصل الصيف! و حمَلنا الحرص على ترشيد تلك الموارد الطفيفة الناتجة عن ذلك الإستخدام على مشاركة خادمة البيت "ازهور" في بعض الخدمات بالتناوب.و في إحدى الليالي ما هالنا إلاّ ضحِكُ أحمدْ ينبعث من المطبخ حينما فوجيء بالطالب المناوب و هو الإداري محمد بن اخليلْ الوزير السابق و السياسي الحالي و قد أراق المرق على الكسكس و لمَّا يبرح "الركَّابَ" بعدُ فسال هدْرا و كِدنا نخسر الكسكس معه لولا أننا تأوَّلنا فأفضنا عليه من باللبن ما أكسبه شبها بغيره ولمْ يقوَ قوتَه فكان ذلك من بين جملة من العوامل أغرتنا بتناوله!
 أعود إلى أحمد لأقول إن الصدفة جمعتني و إياه في نهاية الثمانينات في خلية البحث الإداري ثم مديرية التوثيق في المدرسة الإدارية.بلغ من الورع أن جاءنا هاربا من راتب كبير لا يستحقه كما يعتقد لدى صونادير!و كانت المدرسة فعلا آنذاك هي الحصن الحصين و الملجأ المكين من مثل تلك الرواتب على الأقل!كان لا يتغيب إلا بإذن صريح و ما كان يعود من "النبَّاغية" حتى ألتمس منه الدعاء و أمنحه الإذن للتغيب من جديد.و ربما أضطرُّ لاستدعائه من هناك فأرسل له مثلا بأن المحاسب ترتب له عليه حق زيارة و لكن فليطمئنَّ فإنها ليست زيارة مدد!و مما خفف مهمتنا معا انعدام العمل إلى حد أن صديقنا المرحوم ول الطلبَ ما فتيء يداعبنا بقوله:أتدرون لماذا سمي قطاعهما بخلية البحث لأن كلا منهما دائبُ البحث عن الآخر!بواسطته تعرفتُ أكثر على العلامة ابَّاه بن عبد الله دون أن ألقاه وبواسطتي تعرف على الشيخ الرضا و عرَّف به شيخه دون أن يلقياه كذلك.اللهمَّ ارحمه رحمة واسعة.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..