منزلة علوم اللسان عند العارفين..الولي محمذن ولد محمودن نموذجًا..

منزلة علوم اللسان عند العارفين..
بعد انقطاع عن العالم الإفتراضي دام يوميْن هي الفترة التي استغرقتها رحلتنا الميمونة إلى مدينة " الشامي" للمشاركة في فعاليات المنتدى الثقافي للولي محمذ بن محمودن المشتهر اصطلاحا بالصالون ، بادرتُ إلى " فيس بوك" أفتحه فإذا به يتصدَّره مقال بديع عن شيخنا الشيخ سيد المختار الكنتي دبَّجته الأنامل الطيِّعة للأستاذ الأديب محمدن بن امَّد أمين الثقافة في المنتدى العالمي لنُصرة رسول الله صلَّى الله عليه و سلَّم ضمن سلسلته الذهبية عن" التاريخ الإيجابي " لبلادنا المُنشأةِ بأمر من رئيس المنتدى المذكور شيخنا الشيخ عليّ الرضا بن محمد ناجِ حفظه الله و رعاه.
طفقتُ أقرأ المقال بنهمٍ كبير حتَّى إذا استوقفتْني منه العبارة التالية:
  قال (يعني الشيخ سيد المختار): وكنت زاهدا في علوم اللسان أراها حجابا دون ما أنا بصدده، ولا أرى لها كبير فائدة، وكان الشيخ (يعني شيخه في الشريعة و الحقيقة سيدي عالي بن النجيب) يشير علي فيها.
 فبينما أنا ذات يوم أفسر عليه رسالة ابن أبي زيد، وذلك بعد قراءتي المختصرات الفقهية كخليل وجامع الأمهات لابن الحاجب وغيرهما، قال لي الخضر رضي الله عنه فيها: إن بركة العلم إنما تحصل بقراءتها، فكنت أفسرها، فقلت: وكُرِهَ مالك بالبناء للمجهول، فضحك الشيخ وقال: " صيرته قطا ". فعزمت آنذاك على قراءته.. فلما افتتحت الخلاصة كان درسي منها أربعين بيتا بطررها وشواهدها، فلم أنشب أن فقت جميع من هناك من متعاطي النحو، وبرعت في الفن، ثم اشتغلت بفنون البيان، واتخذت التعليم خلوة للرياضة فكنت لا آوي إلى أحد ولا أخالطه.
استوقفني هذا المقطع لا شعوريا لأسترجع ذلك الدرس الشيِِّقَ الذي أمتعنا به صباحَ  اليومِ الوليُّ محمذ بن محمودن فاختزل به علينا الطريق إذ ما كِدْنَا نغادر مدينة الشامي حتَّى استوقفتنا مشارف العاصمة دون أن نشعُر..قال لنا الوليُّ عند مُبتدأ السيرتواضعا: إن شئتم تختارون أيَ سورة من القرآن العظيم ننحو فيها نحو النحو فنعمر بذلك وقت سفرنا بما تزخر به من كنوز.ثم أردف قائلا فلنعمد إلى سورة يوسف فقد يستغرق منِّي إقراؤُها من تلك الزاوية ما يستغرقه الطريق أي حوالي الثلاث ساعات! ثمَّ انطلق الدرس على بركة الله فأتى فيه بالعجَب العُجاب.
 لمْ يختلَّ في الأمر سوى تقدير مدة الدرس.فلمّا وصلنا حدود المطار الجديد على حين غرَّة، وجدنا كذلك بأنَّنا نتوقف عند إعراب كلمة "ساجدين" فإذا نحن لم نتجاوز الآية الرابعة من السورة موضِع الدرس!
بسم الله الرحمن الرحيم
1. الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ
2. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
3. نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ
4. إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
 و حتَّى لا يقع اللبسُ، فقد أغفل الشيخ أصلا إدماج البسملة في الدرس مخافة أن تستقطب من الوقت قدر ما يؤدي إلى تجاوز التوقيت المقدَر.
 بعد أن تجاوزنا دهشةَ الإستغراب ، تنبَهنا بسهولة إلى سبب إفاضة الدرس عن توقيته المحدود.ذلك أنَ القسم الدراسيَّ الذي لم يتضرر من مساويء الإكتظاظ إذ لم يحوِ سوى طالبيْن اثنيْن ، إلاَ أنه في المقابل كان من فئة الأقسام متعدِّدة المستويات و متفاوتتها أيضا.و لذلك اضطُرَ المدرِّس اضطرارا إلى التأرجح باستمرار بين الصعود و الهبوط مسايرةً لمستويين أحدُهما وضيع و الثاني رفيع.أما الأول فهو مستوايَ و الثاني فهو مستوى الأستاذ الجامعي اللامع المتخصص في اللغة و الآداب و الترجمة الدكتور أحمد بن امبيرك !
 ولكنْ لحسن حظي، فبقدر تفاوت مستوياتنا يقاس حجم مناقشتنا للأستاذ و بالتالي مساهمتنا في تمديد الوقت .و لذلك جاء حظُّه من المسؤولية في إفاضة الدرس فوق حدّه المرسوم ، على قدر حظه من العلوم و الفهوم!


رحم الله السلف و بارك في الخلف.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..