نوافِذُ الخير. من .ذكريات الأستاذ أحمدْ كلِّ عن جده الشيخ عبد الله بن دادّاه


نوافِذُ الخير...
ظفِرتُ يومَ أمسِ في قرية " عين السلامة " المحروسة في مجلسٍ عَزاءٍ روْحانيٍّ بلقاءٍ طيِّب تَعَطَّر بذكر الصالحين و عند ذكر الصالحين تنزل البركات فماذا يَعوقُها؟ " أَشْحَاصِرْهَ " كما تساءل يوما الشيخ محمد المامي سَميُّ الإمام عبد القادر الفوتيِّ في إجابة صريحة عن مدى صحة هذه المَقُولة الشائعة .
كنتُ و البشيرَ بنَ العالمِ العَامِلِ العارفِ بالله محمد عالِ بن محنض ضمنَ وفود تعزية لأشياخنا آل الشيخ سيديَّ في الفقيدة النَّاهَ بنت الشيخ عبد الله بن الشيخ سيديَّ رحمهم الله رحمتةً واسعةً.
.تصدَّر المجلس العميد " أحمد كلِّ نجل الفقيدة فأعطى إشارة الإنطلاق بتكميل حديثه السابق موضع تدوينة سابقة بعنوان "عندما بكى الرئيس المؤسس" و المتعلق ببعض ما رواه مباشرة عن جده الشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا بخصوص حجه فقال:أخبرني أن الطائرة التي تقله إلى الديار المقدسة سنة 1945 لمَّا وصلتْ فوق البحر الأحمر فوجئوا ببعض طاقمها يخرج إليهم ليخبرهم أنها تُوشِكُ أَن تسقطَ لخلل أصابها و أن لدى الركاب فرصة لإرسال وصية بالبرق .قال الشيخ عبد الله:"صادف ذلك أن كنت أَتلو من القرآن آية من آيات الفرج ، فتفاءلت بذلك و بينما أنا أعتذر لرسول الطاقم عن قبول العَرض إذ أخذتني إغفاءة خاطفة رأيت خلالها و كأنني أنظر من نافذة الطائرة فإذا بها يبدو تحتها رجلٌ تشكَّل في صُور متعدٍّدة متطابقة فصار كأنه جماعة يُمسكُ كلٌّ فرد منهم بطرف منها و قد ولَّونيَ منهم الأدبارَ فلا أرى وجوههم و لكنْ يتَّضح شَعَرُ الرأْس و كأنَّه شَعَرُ أخي الشيخ يعقوب ولد الشيخ سيديا.و سرعان ما تنبَّهت فقلت لمرافقي لن تُصاب الطائرة بإذن الله و هكذا حصل و الحمدُ لله.".
سلمت الطائرة إذن و لكن الشيخ عبد الله أصرَّ على أن لا يعودَ في طريق الجو.
واصل العميد أحمد كلِّ روايته عن حجة جده الشيخ عبد الله فقال :حدّثني أنه توسل إلى الله أن تتيسَّر له أمور ثلاثة فتحققت بإذن الله منها أن يشارك في أرض الحجاز في تمويل حفر بئر يوقف لسقاية المسلمين و خاصة منهم الحجاج فشارك في حفر بئرين أحدهما في مكة و الثاني في المدينة و ذكر أحمد كلِّ تسمية البئرين الذين قال إنه لا يزال يحتفظ بوثائقهما حتى الآن و زار موقع أحدهما منذ عهد قريب.
و من هذه الأمور أيضا أن يلتقيَ في طريقه بابن عم له هاجر منذ القدم إلى جهة الصحراء الغربية ليسترضيَه إذ كانت هجرته إثر خلاف بينهما تبين له فيما بعدُ أن الرجل هو صاحب الحق فيه.قال:فلما كان في طريق العودة توقف موكبه صدفة لدى بئر في تلك النواحي فإذا بأطفال من " البيظان" في أرض " الركَيباتْ " يلعبون قرب البئر فدعاهم وأثناء حديثه معهم تبيَّن أن أحدهم هو نجل ابن عمه المنشود الذي يوجد في خيمة قريبة من البئر!فما كان منه إلا أن طلب من الطفل استدعاء والده فأتاه مسرعا فطلب منه مرافقته إلى أطار ليعود رفقةَ الموكب المقررة عودته من هناك.
قلت: و في الطريق كان ما كان ممَّا تمنَّاه الشيخ و تدخلت القدرة الإلهية لتهيء له تهيئة لعل منها الخلل الفني الذي أصاب الطائرة و دفع الشيخ إلى السفر عن طريق البر!
و روى عنه كذلك أنه إبَّان توقف الموكب في مُرَّاكُش أثناء سفر العودة نفد ما كان معه من نقود و أصبح الكيس فارغا و لم تكن له حيلة فبينما هو جالس صباحا في محل صلاته إذ نظر من خلال نافذة البيت فإذا برجل قادم يلبس مرقعة فأطل عليه منها و ألقى إليه كيسا مملوءًا من النقود! قال الشيخ عبد الله:قلت له ما هذا؟ فأشار إليَّ أَنْ ٱسْكُتْ واضعا سبابته اليمنى على شفتيْهِ بشكلٍ عَمُوديٍّ و انطلق موليا.
هذا و من طريف ما رواه الحفيد عن الجد أنه أخبره مرة أنه بلغ من المهارة في" أَزَوَانْ " حَدًّا جعلهُ إذا لمس بيده عصَب الآلة الموسيقية يعرف تلقائيا آخر مقام عُزِفَتْ فيه!
و في ذات السياق قال مُحدِّثِي راويا عن الباحث العجيب محمد ولد مولود أن أقوى دليل ضعَّف حجة المغرب لدى محكمة لاهايْ الدولية هو موسيقى البيظان.
كان الحديث متشعبا ذا شجون لا يُملُّ إذ يأخذ من كل فن بطرف و يستقطب ذكر الصالحين فيه القسط الأوفر.

رحم الله السلف و بارك في الخلف.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..