الشيخ عبد القادر الجيلاني كما يراه ابن حجر العسقلاني..
الشيخ عبد القادر الجيلاني كما يراه ابن حجر العسقلاني..
جاء في كناش الشيخ أحمد زروق من تحقيق حفيده الأستاذ محمد ادريس طيب:
سئل حافظ عصره و إمام وقته الشيخ شهاب الدين بن حجر الشافعي العسقلاني رضي الله عنه (773 هـ - 852 هـ) عن قول الشيخ زين الدين بن رجب المقدسي (736 هـ / 795 هـ) في كتاب " طبقات الحنابلة " في مناقب الشيخ عبد القادر الكيلاني: " و قد جمع الشيخ أبو الحسن المصري الشطنوفي في أخباره يعني الشيخ عبد القادر ثلاثة مجلدات.و قد رأيت بعض الكتاب فلا يطيب على قلبي أن أعتد على شيء مما فيه فأنقل منه إلا ما كان مشهورا معروفا من غيره و لذلك أكره ما فيه من الرواية للمجهولين و فيه من الشطح و الطامات و الدعاوى ما لا يحصى و لا يجوز نسبته للشيخ عبد القادر(.... ) و المطلوب من حدقات شيخ الإسلام إشباع الكلام في ذلك ".
فأجاب : أما ما يتعلق بالبهجة - كتاب بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني، من تأليف الشيخ الشطنوفي المصري المتوفي سنة 713 هـ - فقد طالعت أكثرها فما رأيت إلا كما قال الشيخ زين الدين على إطلاقه.بل هي مشتملة على أقسام :
- الأول : ما لا منابذة لقاعدة الشريعة فيه بحسب الظاهر؛ بل هو جائز شَرْعًا وعقلا، وهذا هو معظم الكتاب؛ فإن ظهور الخوارق على البشر واقعة في الوجود لا ينكرها إلا معاند.
- الثاني : منابذ لقوانين الشريعة في الظاهر؛ فإن أمكن حمله بالتأويل على أمر سائغ فذلك، وإلا فينبغي اجتنابه، وتحسين الظن بقائله. ويحتاج إلى أن يدعي ذلك في حال غيبة له من غير اختيار.
- الثالث : ما تردد بين الأمرين؛ فهذا ينبغي الجزم بحمله على المحمل الصحيح، ولو بالتأويل بخلاف الذي قبله؛ فإنه يجوز أن يكون غير ثابت، ولا شك أن من ليست له بصيرة بِنَقْدِ الرواة. ثم قصد الإكثار يصير حاطب ليل، ويجمع الغث والسمين، وهو لا يدري وهذا حال جامع البهجة.
و قد ذكر العلماء لما يظهر من الخوارق ضوابطا يتميز به المقبول من المردود؛ فقالوا إن كان الواقع ذلك منه على المنهاج المستقيم فهي كرامة كالشيخ عبد القادر؛ وقد قال شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام (وُلد سنة 577 هجرية و توفي 660 ﻫجرية) : "ما وصلت الينا كرامات أَحد بالتواتر مثل ما وصلت إلينا كرامات الشيخ عبد القادر" وروينا هذا الكلام بمعناه بسند صحيح عن الحافظ شرف الدين علي بن محمد اليونيني (621 - 701هـ،/ 1224- 1301م) أنه سمع ابن عبد السلام يقوله.
وفي رواية الذهبي عنه قيل له مع ما عرف من اعتقاده يعني من المسائل التي يخالف فيها الحنابلة، والشيخ منهم، والأشعارة، وابن عبد السلام منهم، فقال : "نعم إذ لازم المذهب ليس بلازم، وإن كانت الواقعة منه أوله على الوجه المباين للشريعة المطهرة فليس فيها دلالة على الولاية ولا كرامة؛
فهذا هو الحد الفارق بين الكرامة الدالة على الولاية، والخارق الذي لا يدل عليها، بل ربما دل على ضدها كما يظهر في كثير من أحوال المبتدعة المتمسكين بما يباين الأمور الشرعية، فإنها أمور شيطانية لا يغتر بها إلا الجهلة وربما ظهرت من أناس في حال غيبتهم وذهولهم وهم على قسمين :
- من كان قبل ذلك على المنهج القويم فتلك كرامة، ولكن لا يعتد بأقوال من كان هذا فعله ولا بأفعاله، بل يعذر على ما يصدر منه لكونه في حال غيبة عقله الذي هو مناط التكليف، والأولى منع جهلة العامة من ملازمة مثل هذا لئلاَّ يظنوا أن الذي يصدر منه في حال غيبته هو الحق فيقتدى به، ومن هنا ضلَّ كثير منهم.
وإذا عرف هذا فالشيخ عبد القادر لم يكن من هؤلاء بل كان حاضر الحس متمسكا بقوانين الشرع ويدعو إليها وينفر من مخالفتها، وشغل الناس فيه مع تمسكه بالعبادة والمجاهدة، ومزج ذلك بمخالطة الشاغل غالبا عنها كالأزواج والأولاد.
ومن كان هذا سبيله كان أكمل من غيره لأن هذه صفة صاحب الشريعة؛ ومن هنا قال تلك الكلمة المشهورة لأنه لا يعرف في عصره من كان يساويه في الجمع بين هذه الكلمات.
وإذا تقرر هذا، يضم ما وقع في هذه " البهجة " مما ينسب إليه لأنه إذا كان مما فارق الشريعة فنسبته إليه جريرة، و ما عدى ذلك إن كان ثابتا عنه حمل على أنه صدر منه في حال غيبته، وإن لم يكن ثابتا فالعهدة على ناقله والغرض تعظيم شأْنه، و هو بلا شك يستحق التعظيم، و الله يهدي من يشاء إلى طريق مستقيم" .
قال : و كتبه أحمد بن علي بن حجر الشافعي حامدا مصليا مسلما على سيدنا محمد وآله.
قال الشيخ أحمد زروق: ومن خط تلميذه الشريف الجزري نقلته وهو نقل من خطه الموفق.
سئل حافظ عصره و إمام وقته الشيخ شهاب الدين بن حجر الشافعي العسقلاني رضي الله عنه (773 هـ - 852 هـ) عن قول الشيخ زين الدين بن رجب المقدسي (736 هـ / 795 هـ) في كتاب " طبقات الحنابلة " في مناقب الشيخ عبد القادر الكيلاني: " و قد جمع الشيخ أبو الحسن المصري الشطنوفي في أخباره يعني الشيخ عبد القادر ثلاثة مجلدات.و قد رأيت بعض الكتاب فلا يطيب على قلبي أن أعتد على شيء مما فيه فأنقل منه إلا ما كان مشهورا معروفا من غيره و لذلك أكره ما فيه من الرواية للمجهولين و فيه من الشطح و الطامات و الدعاوى ما لا يحصى و لا يجوز نسبته للشيخ عبد القادر(.... ) و المطلوب من حدقات شيخ الإسلام إشباع الكلام في ذلك ".
فأجاب : أما ما يتعلق بالبهجة - كتاب بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني، من تأليف الشيخ الشطنوفي المصري المتوفي سنة 713 هـ - فقد طالعت أكثرها فما رأيت إلا كما قال الشيخ زين الدين على إطلاقه.بل هي مشتملة على أقسام :
- الأول : ما لا منابذة لقاعدة الشريعة فيه بحسب الظاهر؛ بل هو جائز شَرْعًا وعقلا، وهذا هو معظم الكتاب؛ فإن ظهور الخوارق على البشر واقعة في الوجود لا ينكرها إلا معاند.
- الثاني : منابذ لقوانين الشريعة في الظاهر؛ فإن أمكن حمله بالتأويل على أمر سائغ فذلك، وإلا فينبغي اجتنابه، وتحسين الظن بقائله. ويحتاج إلى أن يدعي ذلك في حال غيبة له من غير اختيار.
- الثالث : ما تردد بين الأمرين؛ فهذا ينبغي الجزم بحمله على المحمل الصحيح، ولو بالتأويل بخلاف الذي قبله؛ فإنه يجوز أن يكون غير ثابت، ولا شك أن من ليست له بصيرة بِنَقْدِ الرواة. ثم قصد الإكثار يصير حاطب ليل، ويجمع الغث والسمين، وهو لا يدري وهذا حال جامع البهجة.
و قد ذكر العلماء لما يظهر من الخوارق ضوابطا يتميز به المقبول من المردود؛ فقالوا إن كان الواقع ذلك منه على المنهاج المستقيم فهي كرامة كالشيخ عبد القادر؛ وقد قال شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام (وُلد سنة 577 هجرية و توفي 660 ﻫجرية) : "ما وصلت الينا كرامات أَحد بالتواتر مثل ما وصلت إلينا كرامات الشيخ عبد القادر" وروينا هذا الكلام بمعناه بسند صحيح عن الحافظ شرف الدين علي بن محمد اليونيني (621 - 701هـ،/ 1224- 1301م) أنه سمع ابن عبد السلام يقوله.
وفي رواية الذهبي عنه قيل له مع ما عرف من اعتقاده يعني من المسائل التي يخالف فيها الحنابلة، والشيخ منهم، والأشعارة، وابن عبد السلام منهم، فقال : "نعم إذ لازم المذهب ليس بلازم، وإن كانت الواقعة منه أوله على الوجه المباين للشريعة المطهرة فليس فيها دلالة على الولاية ولا كرامة؛
فهذا هو الحد الفارق بين الكرامة الدالة على الولاية، والخارق الذي لا يدل عليها، بل ربما دل على ضدها كما يظهر في كثير من أحوال المبتدعة المتمسكين بما يباين الأمور الشرعية، فإنها أمور شيطانية لا يغتر بها إلا الجهلة وربما ظهرت من أناس في حال غيبتهم وذهولهم وهم على قسمين :
- من كان قبل ذلك على المنهج القويم فتلك كرامة، ولكن لا يعتد بأقوال من كان هذا فعله ولا بأفعاله، بل يعذر على ما يصدر منه لكونه في حال غيبة عقله الذي هو مناط التكليف، والأولى منع جهلة العامة من ملازمة مثل هذا لئلاَّ يظنوا أن الذي يصدر منه في حال غيبته هو الحق فيقتدى به، ومن هنا ضلَّ كثير منهم.
وإذا عرف هذا فالشيخ عبد القادر لم يكن من هؤلاء بل كان حاضر الحس متمسكا بقوانين الشرع ويدعو إليها وينفر من مخالفتها، وشغل الناس فيه مع تمسكه بالعبادة والمجاهدة، ومزج ذلك بمخالطة الشاغل غالبا عنها كالأزواج والأولاد.
ومن كان هذا سبيله كان أكمل من غيره لأن هذه صفة صاحب الشريعة؛ ومن هنا قال تلك الكلمة المشهورة لأنه لا يعرف في عصره من كان يساويه في الجمع بين هذه الكلمات.
وإذا تقرر هذا، يضم ما وقع في هذه " البهجة " مما ينسب إليه لأنه إذا كان مما فارق الشريعة فنسبته إليه جريرة، و ما عدى ذلك إن كان ثابتا عنه حمل على أنه صدر منه في حال غيبته، وإن لم يكن ثابتا فالعهدة على ناقله والغرض تعظيم شأْنه، و هو بلا شك يستحق التعظيم، و الله يهدي من يشاء إلى طريق مستقيم" .
قال : و كتبه أحمد بن علي بن حجر الشافعي حامدا مصليا مسلما على سيدنا محمد وآله.
قال الشيخ أحمد زروق: ومن خط تلميذه الشريف الجزري نقلته وهو نقل من خطه الموفق.
Commentaires
Enregistrer un commentaire