من ديوان الشعر الحساني : ذكرى من كوركول .. واد آلڭرڢ موڭڢ لحڢ...
ذكرى من كَوركَلْ..
في كوركَول قضيتُ سنَةَ 1991 كاملةً تقريبًا حاكِمًا لمقاطعة كيهيدي..أشرفتُ على آخر انتساب لهياكل تهذيب الجماهير في المقاطعة برعاية وطنية من الأمين الدائم للجنة العسكرية المقدم محمد الأمين ولد انجيانْ رحمه الله . . .وأشرفتُ في منتصف السنة على تنظيم الإستفتاء على دستور20 يوليو 1991.
اتخذتُ المبادرة مُنفردا في انفتاح الإدارة على سائر المواطنين بمساعدة بعض الأصدقاء من المسؤولين الوطنيين و المحليين في المقاطعة مثل النائب با ممدو نلَّ و زوجته مريم جَلُّو و هما والدا الوزيرة الحالية كمبَ با و بعض العمد مثل عمدة كيهيدي تيجان كويتا و كثيرا ما كان يقضي معي يوم الجمعة في المنزل و هو صائم و هو من الذاكرين إذ هو على الطريقة الحموية و عمدة جَوَلْ با سيدي آمَدُو رفيقي في العمل و سلفه انكَايدي آلاسان زميلي في الدراسة الجامعية وقد أبرمتُ بين طائفتيْهِما في المجلس البلدي صُلحا مَشهودا كلفني من الجُهد و الوقت الشيء الكثير و عمدة البلدية المجاورة توكوماجي عثمان ذي الثقافة العربية الأزهرية المتأصِّلةِ، و عمدة نيري والو رحمهما الله و عمدة كَانكي و عمدة لكَصيبه كان عبد الوهاب و جالو آبُو امبيري و الممرِّض المتقاعد صَوْ و المحامي الشاب جاكَنا رحمه الله و الكثير من الأطر الشباب الثائرين الذين وجدوا لديَّ من الإصغاء و التفهُّم ما كانوا يتشوَّفون له و يتطلعون إليه منذ الفترة السابقة المصطبغة بتداعيات الأحداث المشؤومة لسنة 1989.
لم أكن أخُصُّ هؤلاء بشيء و إنما كنت أتَّبع قاعدة ربما تُخِلُّ بقواعد الإدارة التقليدية .ذلك أنني صادفتُ في بداية التوظيف حديثا مُروِّعا و هو :"من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخَلَّتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره "، و منذُ ذلك التاريخ أخذتُ على نفسي عهدا أن لا أحتجبَ عن روَّاد الإدارة لا في المكتب و لا في المنزل.
كان هؤلاء الأصدقاء يسمونني مجاملة " رجل الوفاق ". l’homme du consensus و يبدو أنَّها صفة اغترَّ بها تقرير من بعثة تفتيش منتدبة من وزارة الداخلية آنذاك برآسة الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف في مثل هذا التاريخ من تلك السنة فاعتمدها معالي وزير الداخلية المرحوم العقيد أحمدْ ولد منِّيه .ذلك أنني بينما أنا في عطلة في الحيِّ ما حصلت عليها إلاَّ بعد اللتيا و التي إذا بقائد فرقة الدرك في مقاطعة المذرذره امُّود قادمٌ مسرعا يحمل إليَّ برقية استدعاءٍ من الوزارة لأمر مستعجل.كان الوقت ضُحًى و في نهاية الدوام الرسمي من نفس اليوم كنت في مكتب الأمين العام زميلي في الدراسة الأخ محمد ولد معروف ولد الشيخ عبد الله ، فقرأَ عليَّ تقرير البعثة المذكور آنفا عن مشكل حدث في المدينة بعد ذهابي و بلَّغني أمر الوزير ببتر العطلة المستحقة بعد مرض كاد يُؤدي بحياتي، و بالعودة فورا لاستئناف مجهودٍ توفيقيٍّ كنتُ قد وُفِّقتُ إثره في إبرام مصالحة بين طرفين متنازعين أَدَّى عدم تنفيذه بعد ذهابي إلى أحداثٍ دامية تناقلتْها وسائل الإعلام الدولية و الوطنية.
و إنْ أَنسَ لا أنسى حجْمَ الإمتعاض و الإستغراب الذي ظهر على وجه الأمين العام عندما عجز عن إقناعي بتنفيذ ذلك الأمر الوزيريِّ الصريح لأسبابٍ ظاهرُها الإعياء و باطنُها أنَّ الظروف لم تَعُد ملائمةً لذلك.
و في كيهيدي شهدتُ كذلك ميلادَ اتحادية الحزب الجمهوري الديمقراطي الإجتماعي هناك على يد بعثة حزبية يرأسها هيبه ولد همَّدِّي حفظه الله و أذكر أنني قدَّمتُ إلى البعثة ذلك البوَّاب النشِطَ العاملَ في المدرسة الزراعية ذا الدرَاجة النارية السريعة التي ما يفتأُ يجوب بها شوارع المدينة جيئة و ذهابا و ذا الملكة العجيبة في العلاقات المحبوب من الجميع حتى من غير بني جلدته الذين يُجيد لغتهم و لا يرتاحون إلاَ لترجمته في أي لقاءٍ رسمي، و لذلك اتَّخَذْنَاهُ مترجمنا المعتمد.
و بعد مغادرتي المقاطعة علمتُ أنه تم اقتراحه من قبل الحزب الحاكم و انتُخبَ نائبا في البرلمان! أصبح عليٌّ لد منزَه من ذلك التاريخ شخصية وطنية إلى أن وافاه الأجلُ المحتوم تغمده الله برحمته الواسعة.
و في مقاطعة كيهيدي أنشأتُ مدينتيْن إحداهما ذكرها أحد المدوِّنين في تعليق له على تدوينة سابقة.و سبب إنشاء تلك المدينة العامرة اليوم هو أنني كنت في زيارة تفقدية لمنطقة "العطف" من حدود لكصيبة فاستضافتنا مجموعة هائلة من المنمين من مختلف مكونات الشعب و بالغوا في إكرام الوفد الحكومي و في ذلك اليوم شاهدت أطيب مأكول و أسوأَ مشروب! أما المأكول فهواللحم المشويُّ بين إناءيْن حديدييْن "ابلاطيْن" يُحكم إغلاقهما عليه و يدفن في النار المستعرة حطبا إلى أن يستحيل رمادا تذروه الرياح فإذا ما انتُزع من " الحفرة " لقيتَه ناضجا ليِّنا ذا طعم لذيذ كأنما طُبِخ طبْخا و ما به ماءٌ و لا توابل !
أما المشروب فهو أن بعضنا استغرب تقديم الشاي على الشراب حتَّى إذا علمنا أنْ لا ماء في المخيَّم إلاَّ ماء الغدير المجاور يتقاسمه الإنسان و الحيوان الأليف و غير الأليف و لكل منهما فيه مآرب شتَّى تصيِّر الماء ذا لون أسودَ!
و للقوم عملية دقيقة معتادة تضمن صفاءه و هي أنهم يَذرون فيه رمادا أو يُلقون فيه عظاما نخِرَةً و ربما زاوجوا بين العمليتيْن!و ما يلبث الماء أن يصفوَ بقدرة قادر إذْ تنزل في أسفل الإناء رواسبُ ذات سواد حالك و يطفو الماء الزلال على السطح!و ما فتيء أحد أعضاء الوفد هو المهندس العبقري عبد الرحيم ولد أحمد سالم من مشروع التهذيب الوطني يفسر لنا تلك الظاهرة علميا و لست أدري إن كان لذلك التفسير دور في استعمالنا لذلك الماء دون كبير حرج.
المهم أن قناعتنا بتوفير المنشآت الضرورية لذلك التجمُّع السَّكَني الهائل ولدت من ذلك اليوم.
أما القرية الأخرى فأذكر أن من بين ما حظيتْ به من منشآت محظرة مؤقتة يتلقى شيخُها راتبا شهريا قدره ستة آلاف أوقية يدفعُها الرئيس معاويه من ماله الخاص لمدة ستة أشهر.و في إحدى زياراتي لهذه القرية صادفت أحد تلاميذ المحظرة من المسَفَّرين يطرح على شيخ المحظرة " النازلة" التالية مباشرة بعد فراغه من صلاة المغرب:" يا شيخُ لقد همَمْتُ بالوضوء فعاجلتْني الإقامة قبل إتمامه فعدلتُ عنه إلى التيمم فلمَّا بدأْتُ التيممَ هويتمْ لعَقْدِ ركوع الركعة الأخيرة فتركتُ التيمُّمَ و بادرتُ إلى دخول الصلاة حرصا على فضل الجماعة فما رأيكم؟!
و كثيرا ما كنت أتمثل بهذا السؤال على ضرورة التركيز على محو الأمية الدينية في بعض المناطق.
و في كيهيدي بدأتُ الإحصاء الإداريَّ المعتمَد لتنظيم الإنتخابات الرئاسية و أثناءه جرى تبادلٌ بيني وبين زميلي في ألاكْ الأخ الوزير السفير محمد ولد ارزيْزيم فأكمل كل منَّا ما كان بدأه الآخر في مكان عمله الجديد.و تشاء الأقدار أن أتخَلَّفَ عن تنظيم تلك الإنتخابات الرئاسية نتيجةً لإصابة حادة بالملاريا تزامنت مع انطلاق الحملة فَنُقلتُ إثرها للعلاج في انواكشوط على يد أخي في الله البروفسورالعبقري محمد ولد أحمد عيشه رحمه الله.
في كِلاَ المدينتين كيهيي و ألاكَ كان القاسم المشترك هو كثرة الضحايا البشرية في الولايتين في موسم الخريف بالنسبة لولاية كوركول بسبب الغَرْقَى في وادي الكَرفه و بودامِي على محجة الطريق بين امبودْ و سيلبابي و أما بالنسبة لمدينة ألاكْ ففي سائر المواسم بسبب الصَّرْعَى في حوادث السير على طريق الأمل.
و تشاء الصدف أن أسافر في موسم الخريف من سنة 1992 ضمن وفد رسميٍّ إلى سيلبابي و لا أزال أسأل عن الوادييْن المشؤوميْن المسكونِ بهاجس الخوف منهما من عهد العمل في تلك الولاية حتَّى إذا نُبِّئْتُ فجأَة بتجاوزهما دون أن أشعر و الحمد لله بسبب الطريق المعبد الجديد .كان تجاوز تلك المحنة هو أعظم ما يقض مضجع المسافرين إلى تلك الأصقاع النائية في تلك الفترة بالذات..كان رئيس البعثة الشريف مولاي أحمد ولد حسني يقاسمني خفيًّا هاجسَ الخوف و هو أمرٌ لم أتبيَّنْه إلاَّ بعد الوصول إلى برِّ الأمان حينما تقاسمْنا علَنًا بوادر الغبطة و الإرتياح.
وكان من القواسم المشتركة بيننا كذلك تذوُّق الأدب و خاصة منه الشعر الحسٌاني الذي كان راوية له و كثيرا ما خفف عنَّا عناء السفر بحكاية مختارات من إنتاج رواده الأوائل من أمثال سدُّوم ولد اجَرتُ و أترابه. فكم كنا نستعجل فراغَه من تلاوة أحزابه و قراءته الخفية من الأدعية المأثورة إذْ كانَ لا يستعيد بشريتَهُ الطيِّبَةِ المَرِحَةِ إلاَّ بعد أنْ تكتمل أورادُه و أمدادُه.
في ذلك اليوم استأثر الواديان بقسط وافر من حديثنا و طلب منِّي الرئيسُ أن أتَّخذ من المفارقة الكبيرة بين وضعيتيْهما السابقة و اللاحقة موضوعا لإنتاج حسَّاني على المنوال المعروف في أدبنا الشعبي من تبدُّل أحوال المنازل و الديار و لكن هذه المرة من السيِّء إلى الأحسن ، فبدأتُ محاولة جاءتْ في آخر المطاف على النحو التالي:
اتخذتُ المبادرة مُنفردا في انفتاح الإدارة على سائر المواطنين بمساعدة بعض الأصدقاء من المسؤولين الوطنيين و المحليين في المقاطعة مثل النائب با ممدو نلَّ و زوجته مريم جَلُّو و هما والدا الوزيرة الحالية كمبَ با و بعض العمد مثل عمدة كيهيدي تيجان كويتا و كثيرا ما كان يقضي معي يوم الجمعة في المنزل و هو صائم و هو من الذاكرين إذ هو على الطريقة الحموية و عمدة جَوَلْ با سيدي آمَدُو رفيقي في العمل و سلفه انكَايدي آلاسان زميلي في الدراسة الجامعية وقد أبرمتُ بين طائفتيْهِما في المجلس البلدي صُلحا مَشهودا كلفني من الجُهد و الوقت الشيء الكثير و عمدة البلدية المجاورة توكوماجي عثمان ذي الثقافة العربية الأزهرية المتأصِّلةِ، و عمدة نيري والو رحمهما الله و عمدة كَانكي و عمدة لكَصيبه كان عبد الوهاب و جالو آبُو امبيري و الممرِّض المتقاعد صَوْ و المحامي الشاب جاكَنا رحمه الله و الكثير من الأطر الشباب الثائرين الذين وجدوا لديَّ من الإصغاء و التفهُّم ما كانوا يتشوَّفون له و يتطلعون إليه منذ الفترة السابقة المصطبغة بتداعيات الأحداث المشؤومة لسنة 1989.
لم أكن أخُصُّ هؤلاء بشيء و إنما كنت أتَّبع قاعدة ربما تُخِلُّ بقواعد الإدارة التقليدية .ذلك أنني صادفتُ في بداية التوظيف حديثا مُروِّعا و هو :"من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخَلَّتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره "، و منذُ ذلك التاريخ أخذتُ على نفسي عهدا أن لا أحتجبَ عن روَّاد الإدارة لا في المكتب و لا في المنزل.
كان هؤلاء الأصدقاء يسمونني مجاملة " رجل الوفاق ". l’homme du consensus و يبدو أنَّها صفة اغترَّ بها تقرير من بعثة تفتيش منتدبة من وزارة الداخلية آنذاك برآسة الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف في مثل هذا التاريخ من تلك السنة فاعتمدها معالي وزير الداخلية المرحوم العقيد أحمدْ ولد منِّيه .ذلك أنني بينما أنا في عطلة في الحيِّ ما حصلت عليها إلاَّ بعد اللتيا و التي إذا بقائد فرقة الدرك في مقاطعة المذرذره امُّود قادمٌ مسرعا يحمل إليَّ برقية استدعاءٍ من الوزارة لأمر مستعجل.كان الوقت ضُحًى و في نهاية الدوام الرسمي من نفس اليوم كنت في مكتب الأمين العام زميلي في الدراسة الأخ محمد ولد معروف ولد الشيخ عبد الله ، فقرأَ عليَّ تقرير البعثة المذكور آنفا عن مشكل حدث في المدينة بعد ذهابي و بلَّغني أمر الوزير ببتر العطلة المستحقة بعد مرض كاد يُؤدي بحياتي، و بالعودة فورا لاستئناف مجهودٍ توفيقيٍّ كنتُ قد وُفِّقتُ إثره في إبرام مصالحة بين طرفين متنازعين أَدَّى عدم تنفيذه بعد ذهابي إلى أحداثٍ دامية تناقلتْها وسائل الإعلام الدولية و الوطنية.
و إنْ أَنسَ لا أنسى حجْمَ الإمتعاض و الإستغراب الذي ظهر على وجه الأمين العام عندما عجز عن إقناعي بتنفيذ ذلك الأمر الوزيريِّ الصريح لأسبابٍ ظاهرُها الإعياء و باطنُها أنَّ الظروف لم تَعُد ملائمةً لذلك.
و في كيهيدي شهدتُ كذلك ميلادَ اتحادية الحزب الجمهوري الديمقراطي الإجتماعي هناك على يد بعثة حزبية يرأسها هيبه ولد همَّدِّي حفظه الله و أذكر أنني قدَّمتُ إلى البعثة ذلك البوَّاب النشِطَ العاملَ في المدرسة الزراعية ذا الدرَاجة النارية السريعة التي ما يفتأُ يجوب بها شوارع المدينة جيئة و ذهابا و ذا الملكة العجيبة في العلاقات المحبوب من الجميع حتى من غير بني جلدته الذين يُجيد لغتهم و لا يرتاحون إلاَ لترجمته في أي لقاءٍ رسمي، و لذلك اتَّخَذْنَاهُ مترجمنا المعتمد.
و بعد مغادرتي المقاطعة علمتُ أنه تم اقتراحه من قبل الحزب الحاكم و انتُخبَ نائبا في البرلمان! أصبح عليٌّ لد منزَه من ذلك التاريخ شخصية وطنية إلى أن وافاه الأجلُ المحتوم تغمده الله برحمته الواسعة.
و في مقاطعة كيهيدي أنشأتُ مدينتيْن إحداهما ذكرها أحد المدوِّنين في تعليق له على تدوينة سابقة.و سبب إنشاء تلك المدينة العامرة اليوم هو أنني كنت في زيارة تفقدية لمنطقة "العطف" من حدود لكصيبة فاستضافتنا مجموعة هائلة من المنمين من مختلف مكونات الشعب و بالغوا في إكرام الوفد الحكومي و في ذلك اليوم شاهدت أطيب مأكول و أسوأَ مشروب! أما المأكول فهواللحم المشويُّ بين إناءيْن حديدييْن "ابلاطيْن" يُحكم إغلاقهما عليه و يدفن في النار المستعرة حطبا إلى أن يستحيل رمادا تذروه الرياح فإذا ما انتُزع من " الحفرة " لقيتَه ناضجا ليِّنا ذا طعم لذيذ كأنما طُبِخ طبْخا و ما به ماءٌ و لا توابل !
أما المشروب فهو أن بعضنا استغرب تقديم الشاي على الشراب حتَّى إذا علمنا أنْ لا ماء في المخيَّم إلاَّ ماء الغدير المجاور يتقاسمه الإنسان و الحيوان الأليف و غير الأليف و لكل منهما فيه مآرب شتَّى تصيِّر الماء ذا لون أسودَ!
و للقوم عملية دقيقة معتادة تضمن صفاءه و هي أنهم يَذرون فيه رمادا أو يُلقون فيه عظاما نخِرَةً و ربما زاوجوا بين العمليتيْن!و ما يلبث الماء أن يصفوَ بقدرة قادر إذْ تنزل في أسفل الإناء رواسبُ ذات سواد حالك و يطفو الماء الزلال على السطح!و ما فتيء أحد أعضاء الوفد هو المهندس العبقري عبد الرحيم ولد أحمد سالم من مشروع التهذيب الوطني يفسر لنا تلك الظاهرة علميا و لست أدري إن كان لذلك التفسير دور في استعمالنا لذلك الماء دون كبير حرج.
المهم أن قناعتنا بتوفير المنشآت الضرورية لذلك التجمُّع السَّكَني الهائل ولدت من ذلك اليوم.
أما القرية الأخرى فأذكر أن من بين ما حظيتْ به من منشآت محظرة مؤقتة يتلقى شيخُها راتبا شهريا قدره ستة آلاف أوقية يدفعُها الرئيس معاويه من ماله الخاص لمدة ستة أشهر.و في إحدى زياراتي لهذه القرية صادفت أحد تلاميذ المحظرة من المسَفَّرين يطرح على شيخ المحظرة " النازلة" التالية مباشرة بعد فراغه من صلاة المغرب:" يا شيخُ لقد همَمْتُ بالوضوء فعاجلتْني الإقامة قبل إتمامه فعدلتُ عنه إلى التيمم فلمَّا بدأْتُ التيممَ هويتمْ لعَقْدِ ركوع الركعة الأخيرة فتركتُ التيمُّمَ و بادرتُ إلى دخول الصلاة حرصا على فضل الجماعة فما رأيكم؟!
و كثيرا ما كنت أتمثل بهذا السؤال على ضرورة التركيز على محو الأمية الدينية في بعض المناطق.
و في كيهيدي بدأتُ الإحصاء الإداريَّ المعتمَد لتنظيم الإنتخابات الرئاسية و أثناءه جرى تبادلٌ بيني وبين زميلي في ألاكْ الأخ الوزير السفير محمد ولد ارزيْزيم فأكمل كل منَّا ما كان بدأه الآخر في مكان عمله الجديد.و تشاء الأقدار أن أتخَلَّفَ عن تنظيم تلك الإنتخابات الرئاسية نتيجةً لإصابة حادة بالملاريا تزامنت مع انطلاق الحملة فَنُقلتُ إثرها للعلاج في انواكشوط على يد أخي في الله البروفسورالعبقري محمد ولد أحمد عيشه رحمه الله.
في كِلاَ المدينتين كيهيي و ألاكَ كان القاسم المشترك هو كثرة الضحايا البشرية في الولايتين في موسم الخريف بالنسبة لولاية كوركول بسبب الغَرْقَى في وادي الكَرفه و بودامِي على محجة الطريق بين امبودْ و سيلبابي و أما بالنسبة لمدينة ألاكْ ففي سائر المواسم بسبب الصَّرْعَى في حوادث السير على طريق الأمل.
و تشاء الصدف أن أسافر في موسم الخريف من سنة 1992 ضمن وفد رسميٍّ إلى سيلبابي و لا أزال أسأل عن الوادييْن المشؤوميْن المسكونِ بهاجس الخوف منهما من عهد العمل في تلك الولاية حتَّى إذا نُبِّئْتُ فجأَة بتجاوزهما دون أن أشعر و الحمد لله بسبب الطريق المعبد الجديد .كان تجاوز تلك المحنة هو أعظم ما يقض مضجع المسافرين إلى تلك الأصقاع النائية في تلك الفترة بالذات..كان رئيس البعثة الشريف مولاي أحمد ولد حسني يقاسمني خفيًّا هاجسَ الخوف و هو أمرٌ لم أتبيَّنْه إلاَّ بعد الوصول إلى برِّ الأمان حينما تقاسمْنا علَنًا بوادر الغبطة و الإرتياح.
وكان من القواسم المشتركة بيننا كذلك تذوُّق الأدب و خاصة منه الشعر الحسٌاني الذي كان راوية له و كثيرا ما خفف عنَّا عناء السفر بحكاية مختارات من إنتاج رواده الأوائل من أمثال سدُّوم ولد اجَرتُ و أترابه. فكم كنا نستعجل فراغَه من تلاوة أحزابه و قراءته الخفية من الأدعية المأثورة إذْ كانَ لا يستعيد بشريتَهُ الطيِّبَةِ المَرِحَةِ إلاَّ بعد أنْ تكتمل أورادُه و أمدادُه.
في ذلك اليوم استأثر الواديان بقسط وافر من حديثنا و طلب منِّي الرئيسُ أن أتَّخذ من المفارقة الكبيرة بين وضعيتيْهما السابقة و اللاحقة موضوعا لإنتاج حسَّاني على المنوال المعروف في أدبنا الشعبي من تبدُّل أحوال المنازل و الديار و لكن هذه المرة من السيِّء إلى الأحسن ، فبدأتُ محاولة جاءتْ في آخر المطاف على النحو التالي:
واد آلڭرڢ موڭڢ لحڢ == أُبودامِ واد ما يخڢ
عنُّ توْ المَخرف يَحْفَ == أُلا ڢيهم واحد مطام
أُ لا نبصر كَرفَ منجرفَ == أُ لاَ دامِ دَاوِ فَوْهامِ
ما جاتْ أخلاكَ منصرفَ == عنهمْ و أوطيتْ أَعلَ أَكَدامِ
كد امنين اعليهم نظڢ == كنت ألاَّ يوڭڢ تخمام
ذُوك انكول اخيام الشرفَ == و ابحر ڭدام مترام
لكطيعُ ما عند حرْفَ == أ نكصف كنت افْ ول الرامِ
أ و الله ابملان حلف == يانَ فيه ألَّ سِهامِ
أ هاذ فيه أعلي كُلفَ == طول الياليَ و أيامِ
مستحف كايدن نغف == أ لا كدَّيْت انحل احزامِ
وان نكدر ما نستحف == أ نكدر نرخ زاد أكمام
يلُ جيت الْ شرف ظرف == و امعاهم كثرتْ لسامِ
من ملانَ فيهم ظَلْفَ == تجذبنِ شورُ بلجامِ
أ يعكب زاد المكطع يصف == و إعود ابرد بعد اسلام
وامنين اظفيت اليوم اظڢ == تخمام ذَ ڭد اكلام
اكطعت امع صال غظڢ == دارِكْ فَسَنَّافْ الحَامِ
واد الڭرڢ عاد اڢلڭڢ == خطمت و اخطم بودام
ما ڭدام واد الڭرڢ == أُلات بودام ڭدام !
عنُّ توْ المَخرف يَحْفَ == أُلا ڢيهم واحد مطام
أُ لا نبصر كَرفَ منجرفَ == أُ لاَ دامِ دَاوِ فَوْهامِ
ما جاتْ أخلاكَ منصرفَ == عنهمْ و أوطيتْ أَعلَ أَكَدامِ
كد امنين اعليهم نظڢ == كنت ألاَّ يوڭڢ تخمام
ذُوك انكول اخيام الشرفَ == و ابحر ڭدام مترام
لكطيعُ ما عند حرْفَ == أ نكصف كنت افْ ول الرامِ
أ و الله ابملان حلف == يانَ فيه ألَّ سِهامِ
أ هاذ فيه أعلي كُلفَ == طول الياليَ و أيامِ
مستحف كايدن نغف == أ لا كدَّيْت انحل احزامِ
وان نكدر ما نستحف == أ نكدر نرخ زاد أكمام
يلُ جيت الْ شرف ظرف == و امعاهم كثرتْ لسامِ
من ملانَ فيهم ظَلْفَ == تجذبنِ شورُ بلجامِ
أ يعكب زاد المكطع يصف == و إعود ابرد بعد اسلام
وامنين اظفيت اليوم اظڢ == تخمام ذَ ڭد اكلام
اكطعت امع صال غظڢ == دارِكْ فَسَنَّافْ الحَامِ
واد الڭرڢ عاد اڢلڭڢ == خطمت و اخطم بودام
ما ڭدام واد الڭرڢ == أُلات بودام ڭدام !
رحم الله السلف و بارك في الخلف.
Commentaires
Enregistrer un commentaire