قراءة سريعة في قرار المجلس الدستوري..
قراءة سريعة في قرار المجلس الدستوري..
أصدر المجلس الدستوري الموقر قراره رقم 001/2016 م د بتاريخ 11 فبراير 2016 المتضمِّن ما يلي:
أولا:عدم دستورية القانون النظامي الذي يُلغي و يحل محل بعض أحكام القانون النظامي رقم . 029 .2014بتاريخ 26 /12/ 2014 المحدد لطُرُق العودة إلى التجديد الجزئي المنتظم لمجلس الشيوخ و مدة الإنابة التشريعية للجمعية الوطنية.
ثانيا: أن تجدد كل فئات غرفة مجلس الشيوخ دفعة واحدة.
فما ذا يترتب عن هذا القرار؟ذلك سؤال ألحَّ علي صديق حميم بأن أجيب عليه فاستجبت له كمهتم بالشأن القانوني لا مختص فيه فقلت:
إن الكلام عن هذا القرار يستوجب أولا استعراض مضمون القانون النظامي المحكوم بعدم دستوريته.
و نص هذا القانون هو ما يلي:
(يتم في سنة 2016 التجديد المتزامن و المقترن للمجموعتين "ب" و "ج" بينما تُجدد المجموعة "ج" في سنة 2018.
يتم تجديد المجموعتين "ب" و "ج" لمأمورية 4 سنوات لإحداهما و 6 سنوات للأخرى حسب نتائج قرعة يُجريها مكتب مجلس الشيوخ في جلسة علنية بين هاتين المجموعتين 90 يوما على الأقل قبل يوم اقتراع الدور الأول للتجديد الجزئي لسنة 2020.
يبدأ انتداب الشيوخ بالنسبة للمجموعات الثلاثة اعتبارا من افتتاح الدورة العادية الموالية لانتخابهم و هو تاريخ انقضاء انتداب الشيوخ السابقين.
و إلى غاية 2022 سيكون التجديد الجزئي المنتظم كل سنتين لمجلس الشيوخ كما يلي:
المجموعة " أ " : 2018
المجموعة " ب " و " ج " حسب القرعة : 2020
المجموعة الباقية من " ب" و " ج " حسب القرعة: 2022.).
هذا هو النص و باعتباره قانونا نظاميا أي ينص الدستور على اتخاذه فإن الحكومة التزمت بوجوب إحالتِه إلى المجلس الدستوري لإجازته قبل إصداره من قبل رئيس الجمهورية فاتخذ بخصوصه القرار المذكور القاضي بعدم دستوريته للحجج التالية:
1:أن المجموعات الثلاث أصبحت في درجة واحدة من تجاوز مأمورياتها المحددة بفترة ست سنوات بموجب المادة 47 من دستور 91 المعدل و بالتالي لا مُسوِّغ للإبقاء على مجموعة منها على أخرى.
2: أن المادة 15 من القانون الدستوري رقم 015 / 2012 الصادر بتاريخ 20 مارس 2012 إذا كانت تقضي " بتمديد سلطات الغرفتين البرلمانيتين إلى غاية الإعلان عن النتائج النهائية للإنتخابات التشريعية المقبلة" و تنص على أن " طُرُقَ العودة إلى التجديد الجزئي المنتظِم كلَّ سنتين لمجلس الشيوخ، تُحدد بموجب قانون نظامي" إلاَّ أنَّ هذه المادة الجديدة لم تتعرَّض مطلقا لفترة المأمورية إذ تمديد سلطات مجلس الشيوخ لا تقتضي مطلقا تمديد المأمورية المحددة بموجب مادة أصلية من الدستور لم يشملها التعديل لا تصريحا و لا تلويحا.
: 3أن مُسوِّغَ المجلس في إجازة القانون النظامي 29 /2014 الصادر بتاريخ 26 / 12 / 2014 و القاضي بتمديد المجموعة " أ " لغاية سنة 2017 هو أن مأموريتها لمَّا تزالُ سائرةً آنذاك.
ثالثا: الملاحظات
لنا على هذا القرار الملاحظات التالية :
أولا أن أنه يؤكد ضمنيا أن صلاحيات مجلس الشيوخ لا تزال سارية بموجب التعديل الدستوري الأخير ثانيا أنه قرار صائب و جريء في اعتباره أن تغيير فترة مأمورية المجموعات عن ست سنوات بالنقص أو الزيد عمل مخالف للدستور، ثالثا أن المجلس الدستوري كان عليه أن يقف عند هذا الحد و إذا تجاوزه فلاَّ يتعدَّ قولَه إن تجديد مجموعتين دون الأخرى غير دستوري. أما أن يقرر بأن " تجدد كل فئات غرفة مجلس الشيوخ دفعة واحدة " فإن في ذلك تلويحا بالأمر يصدر إلى السلطة التنفيذية و هو مَعيبٌ عند أهل القانون و إن كان مآل العبارتين واحد إذ أن عدم دستورية تعديل فترة المأمورية و تجاوز جميع المجموعات مأمورياتها القانونية كل ذلك يقتضي بالضرورة تجديدها دفعة واحدة.
رابعا: ضرورة اتخاذ القانون النظامي
هل اتخاذ القانون النظامي المنصوص عليه في القانون الدستوري 2012 من أجل تحديد طرق العودة إلى التجديد الجزئي المنتظم لمجلس الشيوخ لا يزال ضروريا؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال بطرح سؤال آخر بالصيغة التالية:هل تحتاج الحكومة إلى اتخاذ قانون يخولها إجراء انتخابات شاملة للشيوخ ؟ طبعا لا!فإن قال قائل: التعديل الدستوري ينص على ذلك قلنا له ما كل نص تطبيقي يتم اتخاذه بالضرورة بل كل هذه النصوص تحمل ضمنيا كلمة عند الإقتضاء و هو هنا مفقود إذ أننا بتنظيم تجديد شامل نعود تلقائيا إلى التجديد الجزئي المنتظم. بل أكثر من ذلك بما أن الشرعية الحالية للمجلس يستمدها من التعديل الدستوري الأخير بعد أن نضبت شرعيته الشعبية المحدودة بمأمورية 6 سنوات بموجب الدستور فيمكن أن نعتبر أننا نجري انتخابات للشيوخ لأول مرة فيسوغ لنا أن نعتبر أننا لسنا بصدد تجديد و إنما انتخاب من جديد فهل الحكومة محتاجة في ذلك إلى قانون جديد تفتقر إليه المدونة الإنتخابية الحالية ؟كلُّ ما تحتاجه الحكومة هو مجرد مرسوم تتخذه متى اطمأنت إلى أنَّ الظروف ملائمة لذلك.
خامسا: تحديد موعد الانتخابات
تنص المادة 7 من القانون النظامي رقم 2012-030 الذي يعدل بعض أحكام الأمر القانوني رقم 91-029 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر1991 المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ: أنه " يتم استدعاء الناخبين بواسطة مرسوم يحدد تاريخ و ساعة الاقتراع ".
و بصدور القانون المنشيء للجنة الإنتخابية التي خولها القانون مسؤولية الإنتخابات من بدايتها إلى نهايتها أصبحت اللجنة تتخذ بمداولة كل نص انتخابي يخول القانون سنَّه بموجب مرسوم و من ذلك تحديد مواعيد الإنتخابات!
و من هنا نشأ تقليد بأن تعضِّد الحكومة مداولة اللجنة تلك بمرسوم. و عليه فإن تحديد سنة معيَّنة لتجديد فئة معيَّنة ليس من مجالِ القانون و لا مجالَ لتضمينه القرار المَعيب بعدم الدستورية.
يبقى أن نقدِّر للمجلس الموقر حق التقدير جهده المحمود في تحمُّل مسؤوليته بجدارة في التنبيه إلى ضرورة الإسراع بتجاوز المرحلة الإنتقالية و العودة بسرعة إلى التجديد الجزئي المنتظم لمجلس الشيوخ مع قناعتنا المشتركة بأن سلطة تقدير الوقت المناسب تبقى دائما حكرا على الحكومة .
قال ابن عبد اللطيف:
و ما به يجيء من مقرر == بسلطة المقضى به كان حري
هذا و لا يطعن في قراره == و يصطلي الجميع فوق ناره
أعني من السلطات كل من مضى == إدارة تكون أو كانت قضا!
و الله و لي التوفيق.
أولا:عدم دستورية القانون النظامي الذي يُلغي و يحل محل بعض أحكام القانون النظامي رقم . 029 .2014بتاريخ 26 /12/ 2014 المحدد لطُرُق العودة إلى التجديد الجزئي المنتظم لمجلس الشيوخ و مدة الإنابة التشريعية للجمعية الوطنية.
ثانيا: أن تجدد كل فئات غرفة مجلس الشيوخ دفعة واحدة.
فما ذا يترتب عن هذا القرار؟ذلك سؤال ألحَّ علي صديق حميم بأن أجيب عليه فاستجبت له كمهتم بالشأن القانوني لا مختص فيه فقلت:
إن الكلام عن هذا القرار يستوجب أولا استعراض مضمون القانون النظامي المحكوم بعدم دستوريته.
و نص هذا القانون هو ما يلي:
(يتم في سنة 2016 التجديد المتزامن و المقترن للمجموعتين "ب" و "ج" بينما تُجدد المجموعة "ج" في سنة 2018.
يتم تجديد المجموعتين "ب" و "ج" لمأمورية 4 سنوات لإحداهما و 6 سنوات للأخرى حسب نتائج قرعة يُجريها مكتب مجلس الشيوخ في جلسة علنية بين هاتين المجموعتين 90 يوما على الأقل قبل يوم اقتراع الدور الأول للتجديد الجزئي لسنة 2020.
يبدأ انتداب الشيوخ بالنسبة للمجموعات الثلاثة اعتبارا من افتتاح الدورة العادية الموالية لانتخابهم و هو تاريخ انقضاء انتداب الشيوخ السابقين.
و إلى غاية 2022 سيكون التجديد الجزئي المنتظم كل سنتين لمجلس الشيوخ كما يلي:
المجموعة " أ " : 2018
المجموعة " ب " و " ج " حسب القرعة : 2020
المجموعة الباقية من " ب" و " ج " حسب القرعة: 2022.).
هذا هو النص و باعتباره قانونا نظاميا أي ينص الدستور على اتخاذه فإن الحكومة التزمت بوجوب إحالتِه إلى المجلس الدستوري لإجازته قبل إصداره من قبل رئيس الجمهورية فاتخذ بخصوصه القرار المذكور القاضي بعدم دستوريته للحجج التالية:
1:أن المجموعات الثلاث أصبحت في درجة واحدة من تجاوز مأمورياتها المحددة بفترة ست سنوات بموجب المادة 47 من دستور 91 المعدل و بالتالي لا مُسوِّغ للإبقاء على مجموعة منها على أخرى.
2: أن المادة 15 من القانون الدستوري رقم 015 / 2012 الصادر بتاريخ 20 مارس 2012 إذا كانت تقضي " بتمديد سلطات الغرفتين البرلمانيتين إلى غاية الإعلان عن النتائج النهائية للإنتخابات التشريعية المقبلة" و تنص على أن " طُرُقَ العودة إلى التجديد الجزئي المنتظِم كلَّ سنتين لمجلس الشيوخ، تُحدد بموجب قانون نظامي" إلاَّ أنَّ هذه المادة الجديدة لم تتعرَّض مطلقا لفترة المأمورية إذ تمديد سلطات مجلس الشيوخ لا تقتضي مطلقا تمديد المأمورية المحددة بموجب مادة أصلية من الدستور لم يشملها التعديل لا تصريحا و لا تلويحا.
: 3أن مُسوِّغَ المجلس في إجازة القانون النظامي 29 /2014 الصادر بتاريخ 26 / 12 / 2014 و القاضي بتمديد المجموعة " أ " لغاية سنة 2017 هو أن مأموريتها لمَّا تزالُ سائرةً آنذاك.
ثالثا: الملاحظات
لنا على هذا القرار الملاحظات التالية :
أولا أن أنه يؤكد ضمنيا أن صلاحيات مجلس الشيوخ لا تزال سارية بموجب التعديل الدستوري الأخير ثانيا أنه قرار صائب و جريء في اعتباره أن تغيير فترة مأمورية المجموعات عن ست سنوات بالنقص أو الزيد عمل مخالف للدستور، ثالثا أن المجلس الدستوري كان عليه أن يقف عند هذا الحد و إذا تجاوزه فلاَّ يتعدَّ قولَه إن تجديد مجموعتين دون الأخرى غير دستوري. أما أن يقرر بأن " تجدد كل فئات غرفة مجلس الشيوخ دفعة واحدة " فإن في ذلك تلويحا بالأمر يصدر إلى السلطة التنفيذية و هو مَعيبٌ عند أهل القانون و إن كان مآل العبارتين واحد إذ أن عدم دستورية تعديل فترة المأمورية و تجاوز جميع المجموعات مأمورياتها القانونية كل ذلك يقتضي بالضرورة تجديدها دفعة واحدة.
رابعا: ضرورة اتخاذ القانون النظامي
هل اتخاذ القانون النظامي المنصوص عليه في القانون الدستوري 2012 من أجل تحديد طرق العودة إلى التجديد الجزئي المنتظم لمجلس الشيوخ لا يزال ضروريا؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال بطرح سؤال آخر بالصيغة التالية:هل تحتاج الحكومة إلى اتخاذ قانون يخولها إجراء انتخابات شاملة للشيوخ ؟ طبعا لا!فإن قال قائل: التعديل الدستوري ينص على ذلك قلنا له ما كل نص تطبيقي يتم اتخاذه بالضرورة بل كل هذه النصوص تحمل ضمنيا كلمة عند الإقتضاء و هو هنا مفقود إذ أننا بتنظيم تجديد شامل نعود تلقائيا إلى التجديد الجزئي المنتظم. بل أكثر من ذلك بما أن الشرعية الحالية للمجلس يستمدها من التعديل الدستوري الأخير بعد أن نضبت شرعيته الشعبية المحدودة بمأمورية 6 سنوات بموجب الدستور فيمكن أن نعتبر أننا نجري انتخابات للشيوخ لأول مرة فيسوغ لنا أن نعتبر أننا لسنا بصدد تجديد و إنما انتخاب من جديد فهل الحكومة محتاجة في ذلك إلى قانون جديد تفتقر إليه المدونة الإنتخابية الحالية ؟كلُّ ما تحتاجه الحكومة هو مجرد مرسوم تتخذه متى اطمأنت إلى أنَّ الظروف ملائمة لذلك.
خامسا: تحديد موعد الانتخابات
تنص المادة 7 من القانون النظامي رقم 2012-030 الذي يعدل بعض أحكام الأمر القانوني رقم 91-029 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر1991 المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ: أنه " يتم استدعاء الناخبين بواسطة مرسوم يحدد تاريخ و ساعة الاقتراع ".
و بصدور القانون المنشيء للجنة الإنتخابية التي خولها القانون مسؤولية الإنتخابات من بدايتها إلى نهايتها أصبحت اللجنة تتخذ بمداولة كل نص انتخابي يخول القانون سنَّه بموجب مرسوم و من ذلك تحديد مواعيد الإنتخابات!
و من هنا نشأ تقليد بأن تعضِّد الحكومة مداولة اللجنة تلك بمرسوم. و عليه فإن تحديد سنة معيَّنة لتجديد فئة معيَّنة ليس من مجالِ القانون و لا مجالَ لتضمينه القرار المَعيب بعدم الدستورية.
يبقى أن نقدِّر للمجلس الموقر حق التقدير جهده المحمود في تحمُّل مسؤوليته بجدارة في التنبيه إلى ضرورة الإسراع بتجاوز المرحلة الإنتقالية و العودة بسرعة إلى التجديد الجزئي المنتظم لمجلس الشيوخ مع قناعتنا المشتركة بأن سلطة تقدير الوقت المناسب تبقى دائما حكرا على الحكومة .
قال ابن عبد اللطيف:
و ما به يجيء من مقرر == بسلطة المقضى به كان حري
هذا و لا يطعن في قراره == و يصطلي الجميع فوق ناره
أعني من السلطات كل من مضى == إدارة تكون أو كانت قضا!
و الله و لي التوفيق.
Commentaires
Enregistrer un commentaire