ديوان الشاعر أحمدُّ سالم ولد الداهي الفاضلي ..و انطلقتْ منشورات الصَّالُونْ..

و انطلقتْ منشورات الصَّالُونْ..
طرق عليَّ بابَ المنزل منتصَف ليلة البارحة طارقٌ يحمل إليَّ هدية سنيةً من الولي محمذن ولد محمودن هي عبارة عن نسخة من " ديوان الشاعر أحمدُّ سالم ولد الداهي الفاضلي" الصادر عن مطبعة محمد بن سعد الزهري.
و كان الولي محمذ قد أخبرني بالهاتف عشية أمسِ أن هذا الديوان هو باكورة عمل طموح جديد يتمثل في انطلاق سلسلة مطبوعات مختارة تحمل عنوان " منشورات الصالون".
يقع الديوان في 121 صفحة من الحجم الطبيعي و هو يتضمن مقدمة بعنوان: " شاعر الفتوة أو فتوة الشاعر " اشترك في كتابتها الولي محمذن ولد محمودن و الأستاذ الجامعي أحمد ولد امبيريك.
تعرض المقدمة للتعريف بالشاعر فتحدثتْ عن شخصه و عن المحيط العائلي الذي اكتنفه و عن الروافد العلمية و الروحية التي استقى منها فشكلتْ شخصيتَه و طبعت إنتاجه و عن مميِّزات شعره و عن مكانته في الساحة الأدبية الوطنية.
و انتهت المقدمة بالإعتذار عن النواقص المحتملة فقالت إن هذه الطبعة الأولى هي مجرد تحضير لطبعة لاحقة ستكون بإذن الله أشمل و أكمل و أليق بديوان" شاعرنا و أستاذنا الأستاذ أحمدُّ سالم ولد الداهي مدَّ الله في عمره و في عطائه ".
و في مكان ما من هذه المقدمة ذكر الناشر أن لهذا الشاعر الحسَّاني المفلق ديوانا آخر فصيحا وعد بنشره كذلك بعد أن أورد منه نماذج رائعة.
و عرضت المقدمة لتقييم إنتاج الشاعر فأطلقت عليه لقب " شاعر الفتوَّة " و هو لعمري لقب يستحقه عن جدارة ثم لخص المقدمان السماتِ المميزةَ لإنتاج الشاعر في أنه صاحب مدرسة خاصة إذ أن له " نهجه و نسجه الخاصين به "
ثم طرح الكاتبان سؤالا هو:هل لعبقريته الشعرية الحسانية سمة تسِمُها و تميِّزُها عن سائر العبقريات؟ ثم أجابا قائليْن:" نحن لا نزعم أننا أنجزنا الدراسة المطلوبة لشعره و لشعر غيره ليجوز لنا أن نجيب بشكل علمي و قاطع على هذا السؤال.و قد نجد بإذن الله في المستقبل من الوقت و نبذل من الجهد ما يسمح بإنجاز تلك الدراسة.و لكننا هنا نستطيع أن نستند إلى مجرد شعور الناقد و إحساسه لنقول إن لشاعرنا نهجه ونسجه الخاصين به ".
هذا و يصرح الكاتبان في المقدمة اعتمادَ الصالون في نشر هذا الديوان على العمل الجاد و المجهود المحمود الذي بذله من وصفاه بالزميل الصديق محمدن ولد بادَّا في جمع مادة الديوان و تصحيحها و هو بالمناسبة من كتب نبذة مفيدة مقتضبة عن حياة الشاعر.
هذا و قد جاءتْ هذه المادة مرتبة ترتيبا ألف بائيا دافع عنه الكاتبان بقولهما إنه " أسهل و أسلم و أدق و أصدق لصعوبة ترتيب بعض النصوص في غرض بعينه و لضمور بعض الأغراض بالمقارنة مع أغراض أخرى".
هذا و إذا كان الكاتبان من الصالون قد اشتركا في مجهود نشر هذا الديوان و مقدمته فهل يجوز لنا أن ننسب ذلك إلى مجرد الصدفة بعد أن أشركهما الشاعر في طلعةٍ لامية اطَّلعتُ عليها صدفةً في الصفحتين 80 و 81 من الديوان
يفصح فيها إفصاحا عن رغبته في نشره؟! "و قد نجد بإذن الله في المستقبل من الوقت و نبذل من الجهد ما يسمح بالإجابة على هذا السؤال!"
و الطلعة هي هذه:
أحمد لمبيْريك الفتيانْ == اتقصَّر دونُ و العليانْ
ٱتقصَّرْ عنُّ و افْلعيان == أحمد معم مخول
يشهد طبع عنُّ إنسان == من الطراز الأول
جودْ أُ كرَمْ و أَدبْ و احسان == عاشَ فعْمُر مُطوَّلِ
أُ هاذَ كلتُ مان عجلان == و اعليه امساعد مَقول
كبْلْ أحمدْ كنت ابلا ديوان == أُ حاز الديوان أُُ هوَّ لِ
و اهدَ بيه الْ وَلِ ديمان == ولِ من وَلِ من وَلِ!
و للأمانة فإن أحمد شاعر مفلق هو الآخر و حدثني الأديب الشيخ ولد مكيّ يوما من شتاء 1992 أنه لازمه ردحا من الزمن في منزل أخيه رئيس المحكمة الجهوية في ألاكْ محمدن رحمه الله و كان جل حديثهما عن الأدب الحسَّاني و أنه ما توهم قطُّ أنه يقرض الشعر الحساني لأنه ما سمع منه و لا من محيطه ما يوحي بذلك يوما من الأيام 
قرأتُ الديوان فور تسلمي إياه حتى فرغت منه وقت المستغفرين بالأسحار!خُيِل إليَّ أنه تتقاطع فيه ملامح من شعراء ثلاثة هم:امحمد ولد أحمد يوره و عبد الرحمان ولد المبارك ولد اليمين و الشيخ ولد مكيّ.و لذلك ما يسوِّغه نظرا لاشتراك الثلاثة في جملة من القواسم أهمها الروافد الثقافية الدينية المأصلة و المحيط الإجتماعي و الجغرافي المكتنف لتجربة الأدبية لهؤلاء المبدعين
و استوقفني قوله في فصل الشين من الديوان يخاطب محمد ولد ابَّاه في الإستشفاء:
كمت افدهرك ستر ستر== بيك اتبشَّر فتر فتر
و اظويت أعلَ ظلم قطر== أُ لنعاش ٱنتَ هو لنعاش
أُ عاكب غرفت لنعاش اتر == عمر اطويل امعان ينعاش
عمْر ٱطويل امعاه القوَّ == نَكِلْعْ آن فيه التُّوحاش
بركتْ ذاك ألِّ ذاكُوَّ == ولَّ يسْو بركت كاع آشْ
و أعود إلى الحديث عن الديوان لأقول إنني استوقفني منه كذلك قول الشاعر:
يا ربِّ صاحبْ ذَ الديوانْ == اعْبَيْدْ الرحمان الرحيمْ
ٱختَمْ ذ الديوان ابكولانْ ==ْأستغفر الله العظيمْ!
و قد حزَّ في قلبي كثيرا أنْ علمتُ أن صاحبه لم تعد له القدرة الجسمية و لا الذهنية على الإستمتاع بهذا الإنجاز الذي طالما انتظره،فهل يظفر بالتكريم يا تُرى في الوقت المناسب؟سؤال أطرحه على وزارة الثقافة بواسطة اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين
!
رحم الله السلف و بارك في الخلف.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..