اتفُ بالدفْرَ.. زيارة في المنزل من قِبَل أخي في الله السيِّدْ بن أحمدْ بن ابَّاهْ
اتفُ بالدفْرَ..
حُظِيتُ قبل قليل بزيارة ميمونة خاطفة في المنزل من قِبَل أخي في الله السيِّدْ بن أحمدْ بن ابَّاهْ . و خلال هذا اللقاء المبارك حدَّثني عن ولعه باقتناء الكتب النادرة فسألته عن كتاب طالما ولع به و بحث عنه شيخُنا العلامة كراي بن أحمد يوره رحمه الله و هو كتاب ابن رحال المعداني - تـ 1140هـ و هو شرح مختصر خليل الموسوم بفتح الفتاح ـ يقع في خمسة عشر جزءا.فروى لي بخصوصه النادرة التالية:قال إن جمال بن الحسن رحمه الله بينما كان في زيارة للزاوية التيجانية في فاس صحبة محمد الأمين بن ابَّاه إذْ فاجأتهم في مكتبة تجارية متواضعة للمخطوطات النادرة و الكتب المستخدمة نسخة معروضة للبيع من كتاب ابن رحَّال بخط المؤلف! و قصُرت وسائلُهما مجتمعةً عن الخمس مائة درهم المحددة ثمنا للكتاب فندما كثيرا إذ فاتتهما تلك الفرصة النادرة.و بعد عودتهما إلى البلاد ذكرا قصتهما مع ابن رحال للعلامة ابَّاه بن عبد الله فقال معلقا: " أتفُ بالدَّفره" فصار مثلا يتندرون به!
أما أنا فإن لي في ذات السياق قصة كادت تكون مماثلة لولا أنني لجأتُ إلى حيلة ما كان للأخوين أن يلجآ إليها و ما ينبغي لهما ذلك.ذلك أنني قضيت كامل فترة دراستي الجامعية في الرباط و أنا أبحث في المدن المغربية كافةً عن كتاب " مدارج السلوك إلى مالك الملوك " للعارف بالله أبوبكر بن محمد بنّاني المتوفى سنة 1284 هجرية مريد عبد الواحد الدبَّاغ شيخ الطريقة الدرقوية في المغرب.و يحزُّ في نفسي في كل عطلة أني أعود فأقابل شيخَنا العارف بالله احمادَ بن ابَّا فيسٱلني هل ظفرت له بضالته المنشودة فأعتذر صاغرا و خاصة في سنة التخرج.و تشاء الأقدار أن أعود إلى هناك بعد سنتين من ذلك التاريخ لأتابع دراسات عليا استغرقت سنتيْن إضافيتيْن استأنفت طوالهما مشوار البحث عن الكتاب المنشود.و بعد اكتمال الدراسة و الحجز للعودة إلى أرض الوطن خاويَ الوفاض كالعادة ، ذهبتُ لتوديع الأمير الجواد سيدي بن أحمد بن الدَّيْد في حي السويسي بالرباط بُعيد انقلاب 12/12/ 1984 .و لست أدري كيف سلكت إلى الحي طريقا ما سلكته قط .و لحسن الحظ لم تكن ميزانيتي تخولني ركوب سيارة الأجرة و لدى محطة توقف الباصات تأخرت الحافلة و كان المطر غزيرا فلجأ المنتظرون إلى القهوة المجاورة التي ضاقت بروادها فتخيرت من بينهم ذوي القوة الشرائية القادرين على دفع ثمن قهوة على الأقل و كان ذلك العامل وحده كفيلا بحرماني من حق اللجوء إذْ ما في جعبتي سوى درهم و نيف هي مجرد أجرة الباص ذهابا لا إيابا!
عندئذ بحثت عن مخبأ مجاني بديل فإذا بعمارة قريبة تحمل لوحة باهتة كتب عليها عنوان " المركز الثقافي المصري " فهرعت إليه و ملابسي مبتلَّة و جسمي يرتعد من شدة البرد و لكنني فوجئت عند المدخل بعامل الإستقبال يشترط في اجتياز الرواد إلى داخل القاعة اختيار الشخص لكتاب محدد للمطالعة على أساس مجموعة هائلة من الفهارس.حرت طويلا في الإختيار بين الفهارس حتى إذا استقر رأيي على أحدها ففتحته و أجلت النظر في قائمة الكتب المقترحة فما هالني إلا عنوان " مدارج السلوك " يتوسط اللائحة !لم أكد أصدق عينيَ و أقول في نفسي و هل تقتضي كتابة العنوان بارزا في الفهرس وجود عين الكتاب على الرفوف؟ طلبت الكتاب و بقيت أنتظر دقائق مرت علي كالساعات . عاد بعدَها العامل المختص ليسلمني الكتاب ذاته فإذا به كتاب ضامر طُبع طبعة حجرية لدى مطبعة الجمالية بمصر سنة 1330 هجرية .ما إن اطمأن قلبي إلى الكتاب حتى دخلت في مفاوضات عسيرة مع مسؤول المركز قبل إثرها أن يعيرني الكتاب مقابل احتجاز جواز سفري فقبلت المقايضة طائعا مسرورا!
ثم توقف المطر و عدت إلى محطة الباصات و واصلت الطريق إلى المنزل الأميريِّ العامر و أنا في نشوة عارمة .و بعد مقيل شيق ودَّعتُ الأمير سيدي رحمه الله فظفرت منه بما يظفر به الطلاب من أمثالي عادة فعدت في سيارته الفارهة التي أوصلتني المطار صباحَ يوم من الأيام الموالية و في متاعي صورتان مجلدتان من الكتاب المذكور و لكم أن تتصوروا كم كانت فرحة الشيخ كبيرة عندما تسلمه بعد بحث حثيث واكبتُه فيه قرابة عقد من الزمن!
بعد الفراغ من كتابة هذه التدوينة قبل قليل زودني الأخ المختار بن ابراهيم بن السيد من أرشيفه الغني الزاخر بالصورتين المرفقتين مع الأمير سيدي بن أحمد بن الديد رحمه الله إحداهما أثناء مناقشة رسالة التخرج يوم فاتح دجمبر 1984 م و الثانية لعلها في " إيفران" و معنا ابن أخته في الصورة الدكتور محمد الخامس بن الشيخ أحمدُّ بن سيدي . .
رحم الله السلف و بارك في الخلف.
أما أنا فإن لي في ذات السياق قصة كادت تكون مماثلة لولا أنني لجأتُ إلى حيلة ما كان للأخوين أن يلجآ إليها و ما ينبغي لهما ذلك.ذلك أنني قضيت كامل فترة دراستي الجامعية في الرباط و أنا أبحث في المدن المغربية كافةً عن كتاب " مدارج السلوك إلى مالك الملوك " للعارف بالله أبوبكر بن محمد بنّاني المتوفى سنة 1284 هجرية مريد عبد الواحد الدبَّاغ شيخ الطريقة الدرقوية في المغرب.و يحزُّ في نفسي في كل عطلة أني أعود فأقابل شيخَنا العارف بالله احمادَ بن ابَّا فيسٱلني هل ظفرت له بضالته المنشودة فأعتذر صاغرا و خاصة في سنة التخرج.و تشاء الأقدار أن أعود إلى هناك بعد سنتين من ذلك التاريخ لأتابع دراسات عليا استغرقت سنتيْن إضافيتيْن استأنفت طوالهما مشوار البحث عن الكتاب المنشود.و بعد اكتمال الدراسة و الحجز للعودة إلى أرض الوطن خاويَ الوفاض كالعادة ، ذهبتُ لتوديع الأمير الجواد سيدي بن أحمد بن الدَّيْد في حي السويسي بالرباط بُعيد انقلاب 12/12/ 1984 .و لست أدري كيف سلكت إلى الحي طريقا ما سلكته قط .و لحسن الحظ لم تكن ميزانيتي تخولني ركوب سيارة الأجرة و لدى محطة توقف الباصات تأخرت الحافلة و كان المطر غزيرا فلجأ المنتظرون إلى القهوة المجاورة التي ضاقت بروادها فتخيرت من بينهم ذوي القوة الشرائية القادرين على دفع ثمن قهوة على الأقل و كان ذلك العامل وحده كفيلا بحرماني من حق اللجوء إذْ ما في جعبتي سوى درهم و نيف هي مجرد أجرة الباص ذهابا لا إيابا!
عندئذ بحثت عن مخبأ مجاني بديل فإذا بعمارة قريبة تحمل لوحة باهتة كتب عليها عنوان " المركز الثقافي المصري " فهرعت إليه و ملابسي مبتلَّة و جسمي يرتعد من شدة البرد و لكنني فوجئت عند المدخل بعامل الإستقبال يشترط في اجتياز الرواد إلى داخل القاعة اختيار الشخص لكتاب محدد للمطالعة على أساس مجموعة هائلة من الفهارس.حرت طويلا في الإختيار بين الفهارس حتى إذا استقر رأيي على أحدها ففتحته و أجلت النظر في قائمة الكتب المقترحة فما هالني إلا عنوان " مدارج السلوك " يتوسط اللائحة !لم أكد أصدق عينيَ و أقول في نفسي و هل تقتضي كتابة العنوان بارزا في الفهرس وجود عين الكتاب على الرفوف؟ طلبت الكتاب و بقيت أنتظر دقائق مرت علي كالساعات . عاد بعدَها العامل المختص ليسلمني الكتاب ذاته فإذا به كتاب ضامر طُبع طبعة حجرية لدى مطبعة الجمالية بمصر سنة 1330 هجرية .ما إن اطمأن قلبي إلى الكتاب حتى دخلت في مفاوضات عسيرة مع مسؤول المركز قبل إثرها أن يعيرني الكتاب مقابل احتجاز جواز سفري فقبلت المقايضة طائعا مسرورا!
ثم توقف المطر و عدت إلى محطة الباصات و واصلت الطريق إلى المنزل الأميريِّ العامر و أنا في نشوة عارمة .و بعد مقيل شيق ودَّعتُ الأمير سيدي رحمه الله فظفرت منه بما يظفر به الطلاب من أمثالي عادة فعدت في سيارته الفارهة التي أوصلتني المطار صباحَ يوم من الأيام الموالية و في متاعي صورتان مجلدتان من الكتاب المذكور و لكم أن تتصوروا كم كانت فرحة الشيخ كبيرة عندما تسلمه بعد بحث حثيث واكبتُه فيه قرابة عقد من الزمن!
بعد الفراغ من كتابة هذه التدوينة قبل قليل زودني الأخ المختار بن ابراهيم بن السيد من أرشيفه الغني الزاخر بالصورتين المرفقتين مع الأمير سيدي بن أحمد بن الديد رحمه الله إحداهما أثناء مناقشة رسالة التخرج يوم فاتح دجمبر 1984 م و الثانية لعلها في " إيفران" و معنا ابن أخته في الصورة الدكتور محمد الخامس بن الشيخ أحمدُّ بن سيدي . .
رحم الله السلف و بارك في الخلف.
Commentaires
Enregistrer un commentaire