جلسة أدبية خاطفة في انتظار الصلاة ..


ظفرتُ صباح اليوم في ساحة مسجد ابن عباس بالعاصمة بمجلس مبارك رمتنا فيه أم القرى بأفلاذ كبدها و منهم أحمد بن محمد سالم بن عدود.
كان ذلك على هامش الصلاة على فقيد الأمة و إمام الزاهدين الشيخ يحيى بن الشيخ سيد المختار بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديا رحمه الله .
و لم يكن مجلسنا ليخلوَّ من ذكر طيب لوالدنا " مرابط الجيل " محمد سالم بل كاد المجلس أن يستأثر به .
حدث أحدهم فقال : كنا نرافقه مرة في الخلاء فمررناَ على حظيرة صغيرة محيطُها من الشجر البالي ( ازريبِتْ اعجولْ درسْ) و قد تجمع في وسطها من الأتربة ما شكل ربوة ناصعة البياض فقال لمرابط و هو يتأمل ذلك المنظر و يمر يده على رأسه حيث استكف شعر رأسه  عن  الأطراف المحيطة به : " سبحان الله ! كثيراً ما كنا نسمع عند الجداتِ قولهنَّ إن البلاء موكل بالمنطق  ، كنت قد قلت و أنا في عنفوان الشباب القطعة التالية :
حي الربوع عرفتها بالأجرعِ
فكرعتَ في حوض الغرام المترع
لم تبق منها الساريات سوى الصفا
و السارياتِ الراسيات الأربع
و الطيسِ في وسط الحظير يحفه
كنفان من زرب كرأس الأصلع!!
و أنهى الحكاية بإيماءة طريفة فهمنا منها أنه يقارن بين المنظرين ليخفف عنا عناء السفر في يوم ذي حر شديدْ!
و باكتمال الحكاية تذكرتُ ما كان يرويه لنا أخونا الإداري الأروع محمد ولد رافع من أن لمرابط محمد سالم كان يداعبه دائماً في المناسبات العامة في موضوع تلك الصفة التي يشتركان فيها فيقول له : " هلاَّ أنشأنا رابطة ننتظم فيها دون غيرنا من ذوي اللِّممِ من الأمم"!
و من موضوع ظرفه انتقل القوم إلى استسقائه و موافقاته فيه فذكروا أن العبد الصالح سالم ولد عبد الله ولد السالم الحسني (من إدوگدْ شلَّ ) و هو تلميذ العلامة  محمد عالِ بن عدود زار أم القرى مرة ليصل أبناء شيخه كعادته و  كان ذلك في فصل الصيف  و في أعقاب إحدى الصلوات و الناس خارجون من المسجد ، وضع لمرابط محمد سالم يده اليمنىَ على رأس الضيف الصالح  و ارتجل البيتيْن  التاليينِ :
بشيبةِ هذا الشيخ نستنزلُ المطر
كما بأبي الفضل استجاد الحيا عمرْ
هو الشيخ يستسقى الغمام بوجهه
و سيرته الحسنى و ترتيله السورْ !!
قالوا و والله لقد استجاب الله تلك الدعوة فنزل مطر غزير تلك الليلة تعطلت معه حركة النقل بين القرية و طريق الأمل في اليوم الموالي.
و أشفع الراوي تلك الموافقة بقوله : " لن أنسى ذلك الشيخ الكبار و هو يجأش بالبكاء ابان توديع أبناء شيخه و هو يقول لهم : لن نلتقي بعد اليوم . قال : و كذلك شاء القدر ، إذ أنه توفي في السنة الموالية، تغمده الله برحمته الواسعة.
و من استسقاءات لمرابط محمد سالم كذلك بالشعر الحساني روى القوم استسقاءهُ لأهل شنقيط :
يا رب عجل بَتَابُوعْ
من ماك إبرد ذ الحرگَ
و إدوم أعل لوكار اسبوعْ
ادموعْ امزونُ ما ترگَ
و اسيلُ وديان أوس أ بوعْ
گالْ ؤ شنگيطِ و الژَّرْگَ 
و لا زال القوم يتحفوننا بالحكايات الطريفة الماتعة عن لمرابط محمد سالمْ إلى أن حضرت الجنازة و اصطف المصلون و أقيمت الصلاة في حدود الصلاة العاشرة ..

رحم الله السلف و بارك في الخلف .

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..