الشعر الحسَّاني من أعلى المنابر السياسية ..
التاريخ : السبت 4 يوليو 2020 م
قال أمير تگانت : محمدْ ولد امحمدْ شيْن ولد بكار ولد أعمر ولد محمد بوخونَ الإدوْعِيشي من بتْ بو عمران شوقاً إلى مرابعه في تگانتْ في وسط البلاد و هو إذ ذاك عائدٌ من منطقة تيرس بأقصى الشمال سنة 1817 م :
نجعْ لعنايَ و التشطاطْ(1)
سوْحْلْ ابْ مَبْرُومْ الليَّ (2)
أُ كالْ ساحلْ عَكْلِتْ لنباطْ
أ كالْ تلْ المدَّاحيَّ
أُ گلْبْ ميجكْ و اگليبْ الغيْنْ
كالهمْ نجعْ اخلاصْ الديْنْ
و آجويْرْ أُ عكلتْ تورينْ
كالهمْ بين أهل النيَّ
أُ كالْ وحدُ نعْمْ أماسينْ
و آفْتَاسَ و العِرْگِيَّ
نجعْ رفعتْ مسلمْ مظلومْ
شامْ من درگلْ لَدَرُّومْ
بالسْماميطْ أُ تِنْيَمُّومْ
أُ باعْريْباتْ أُ لَرْوِيَّ
أُ صَدْ راحل بِشْنَاهْ اليوم (3)
لرْضْ گِلِمْسٍ و الَّيَّ !
رويتُ عن الثقاة أن هذا الشعر الحساني البديع استدلَّ بهِ السفير الموريتاني الأديب محمد عبد الله بن الحسن رحمه الله مرة من أعلى بعض المنابر السياسية و كان خطيباً مفوهاً و ذلك حجةً على قوة الارتباط بين مختلف مناطق أرض البيظان في ما بينها.
و في مقابلة مع الإذاعة الموريتانية لا يزال متداولاً ، حكى عملاق الشعر الحساني الشيخ ولد مكيٍّ هاتيْن الطلعتيْن و گافهما باعتبار ذلك الإنتاج من أروع ما قيل في الشعر الحسَّاني من بَتْ بوعمران .
و المعروف أن بتيْ بو عمران و امريْميده يستأثر بهما الأمراء عادة في أرض البيظان قالبًا ينسجانِ فيه الفخر .
و لنفس الأمير الشاعر شعر جميل في بت امريْميده يقول فيه مفتخراً على بعض منافسيه :
اخلاتْ دنيَ لُ تمُّ
امطيْنينْ ابْ جهلتْهُمْ (4)
لما انهانُ و انذمُّ
أُ فالشرْ حگْرُ عدتهمْ
امنيْنْ گمتْ انداريهمْ
و اعلَ السلامَ نهديهمْ
هاذيكْ ما نفعتْ فيهمْ
و الحگتْ راحتْ فتنتْهمْ
أنَفْسْ امْنْ اتخاويهمْ
و أَگَوْتْ امْن امهابتهمْ!
أما الأمير الشاعر محمد ولد امحمد شين فهو من أعظم أمراء تگانت و قد خلف أباه أمحمدْ شين في إمارة إدوعيش مدة 34 سنةً أي من 1793 م إلى 1820 م .
و كان أميراً عادلاً كريماً محبًا للصالحين . لازم العلامة سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيمْ و انتفع من علمه و عندما تقلد زمام الأمر نصَّبه قاضياً للإمارة و مستشاره الخاص و في ذلك يقول السيد سيدي ولد الزين العلوي في كتابه " النسب " : " فلما وقع ذلك استقامت الأرض و انتقل منها من كان على غير الاستقامة و امتلأتْ عدلاً . فقد حكَّمَ سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيمْ في أموره حتى صار لا يقطع أمراً إلا بإذنه . و من أعظم ما قيل ، ما بلغني أن سيدي عبد الله قال له يوماً : أبسِطْ يدكَ أبايعْكَ "!
و هذه لعمري تزكية عظيمة لرجل عظيم من رجل عظيم ، إذ قرأت مرة من كتاب " الضياء المستبينْ في كرامات شيخنا الشيخ محمد فاضل بن مامين" من تأليف: الشيخ محمد فاضل ولد الحبيب اليعقوبي (و قد أصدر مؤلفه عن شيخه و صهره قبل وفاة الشيخ بأربع سنوات ) أن الشيخ محمد فاضل بن مامين هو وارث سرّ العلامة سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيمْ ، الذي كانت بيده مفاتيح العلوم على ما قال.
و في مكان آخر من الكتاب يذكر المؤلف أن الشيخ محمد فاضل و رفقاء له ساروا قاصدين سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم (لدراسة العلم عليه) و أثناء الطريق كوشف له عن دنو أجله و أُشير إليه بالتوجه إلى سيدي المصطفى بن عثمان بن الكيحل من (أدويج) ففعلوا.
_________________
1- التشطاطْ : عبارة عن الكرمْ و تفريق المال يمنة و يسرة على الناس.
2- مبرومْ اللَّيَّ : عبارة عن النساء لأنه لم يتخلف عن تلك الرحلة لطلب الكلأ أي شخص من إدوعيش .
بشْناهْ : هي جمع شان أي الدرجة الرفيعة و المجد .
4- امطيْنينْ : أيْ مطمئنِّين.
رحم الله السلف و بارك في الخلف.
Commentaires
Enregistrer un commentaire