بين الشيخين : حامدن بن محنض بابَ و محنض بن اسليْمان ...
بين الشيخين : حامدن بن محنض بابَ و محنض بن اسليْمان ...
كان محنض بن اسليمان بن الصافي صاحب المحظرة القرآنية المشهورة في منطقة إگيدي قد تزوج فاطمَ فال ( الناهْ) بنت ابَّاهُ بن محمذن حرمه بن سيد الأمين بن أحمد بن محمد العاقل وأمها النّبطَ بنت الشريف محمد فال بن سيدي محمد أخت أحمدُّ والخليفة وأخواتهما.
و بينما كان محنض - وهو حديث عهد بالزواج - يسير مرة في طريق العودة إلى الحيْ الجديد غداة عيد من الأعياد ، عرّج عشيةً إلى بئر آمنيگير قطب الرحى في أرض بني ديمان ، إذ علم أن مضارب خيام الأشياخ في مكان ما حول تلك البئر التي يتخذون منها موردا للسقي..فلما وصل البئر لم يصادف فيها إلا رجلا مسنا توسم فيه أنه من أعيان القوم من بني عمومته ، ونظرا لفارق السن بينهما ما كان له أن يسأله عن مكان الحي بحكم التقاليد المحكمة للقوم وخاصة في ذلك الزمان والمكان.. و كان يخاف في نفسه ان يمتدّ السلام بينهما عله يجد من يسأله غير الشيخ مخافة أن يدركه الليل الوشيك .. ولكن الرجل فاجأه بقوله بالحسانية :" اسليْمانْ ( يعني والده ) ما گطْ الگيتُ يغير نشهدْ اعلَ كتبتُ .. ؤ أهل الحاسِ اسمعتهمْ يذكرُ شِ من الخيل تطلع امگافيَ امشرگَ حد اكرد أثِرْهَ الًُوحُ فالحيَّ.. ؤ بسم الله ودعناكمْ الْ ملانَ"!
ومن خلال التخاطب فهم محنض أن محدثه هو العلامة حامدن بن محمذن بن محنض باب بن اعبيْدْ (والد ابن خلدون موريتانيا المختار بن حامدن ) و تبين وجهته الصحيحة إذ كانت الخيل في تلك المنطقة حكرا على أهل ذلك الحي من الأشياخ وواصل طريقه مسرعا فوصل بسرعة إلى المخيم المقصود !
ولعل ما ساعد على صحة فراسة الرجليْن في بعضهما البعض هي صلة القرابة الوثيقة بينهما و إن كانا من حيين مختلفين و متباعدين في المسافة .ذلك أن نسبهما لجهة الأمهات يلتقي عند العلامة المختار بن الطالب أجود الحاجي. فالمختار هذا هو والد "تانيت " أمِّ محنض باب والد محمذن الذي هو والد حامدن هي و شقيقتها يِنصركْ وهي والدة خديجة ( خيدُّ) بنت القرشي النجمُري التي هي والدة اسليمان بن الصافي والد محنض !وكان يقال عن العلامتين : محنض بابَ و أحمد سالم بن القرشي وهما عالمان جليلان أبناء الخالتيْن !
أما الشريف الصالح صاحب الكرامات الباهرة محمد فال بن سيدي محمد فهو من تنواجيو ( أهل السلطان) منشأً و أهل إگيدي موطنا .و جدهم سيدي يحيى وكنيته تنواجيوْ قال محمد والد بن خالُنا المتوفَّى 1212هجريةً بشرفه في كتابه " الأنساب " الذي ربما يكون أقدم مصدر في تاريخ هذه البلاد . يقول أخونا الدكتور الباحث يحيى بن البراء عن كتاب الأنساب إنه دراسة انتربولوجية متكاملة، و هو يعكف على تحقيقة منذ عهد بعيد و أخبرني مؤخرا أنه اكتمل و أصبح جاهزا للنشر و الحمد لله ..
و من كتاب الأنساب كنت عقدتُ النظم التالي منذ القدم :
وإن معنى تنواجيوَ ذو الفرسْ
الأبيضِ اللون لدى من قد درس
يُكنى بها الشريف سيدي يحيى
من سنةَ الهادي الأمين أحيى
هاجر من وادان حيث كانا
وللمُقام وضع الأركانا
بأرض مسّومَ وكان مقدمُهْ
على جواد البياض ميسمُه
وهو للنبيّ ذو انتساب
ذكر ذا والدُ في " الأنساب "!
قيل إن الأمير أحمد سالم بن ابراهيم السالم سأل الشيخ سعد بوه مرة أيكما أكبر كرامة : انت و ابن عمك محمد فال بن سيدي محمد ؟ فقال تواضعا بالحسّانية هو بالتأكيد " بيهلّ هو اظهرْ فالبيظانْ وآن اظهرت اف لكورْ ما واعر الظهور فيهم!
أما الجد الولي العالم العامل الصافي بن المصطفْ بن بلَّ بن المختار اگد عثمان فهو الذي يقول فيه امحمد بن أحمد يوره :
وصاحب المزية المشهوره
من قطع البحر على هيدوره
وهو الذي يدعونه بالصافي
من كان ذا علم وقلب صاف
و كان ذا محظرة قرآنية إذ أنه يُعدُّ من أساتذة العلامة محمذن بن أحمد بن العاقل - لمرابط مامّين علَما - في القرآن وله معه قصة مشهورة .. تقول الرواية إنه بينما كان يرافقه مرة في الخلاء " يعرظْ أعليهْ " قال له هيا بنا نواصلْ طريقنا إلى حيث يوجد الوليُّ محمد والد بن خالُنا لنلتمس منه الدعاء وكانا في مكان منفصل عن الحي ..قال لمرابط مامّين : وفي الطريق فوجئت بأن الشيخ كثيرا ما كان يهوي ليسجد غيرَ مكترث بنبتة إنيتِ الذي كانت الأرض ملبّدة منها ، فعلمت أنه يزاوج بين الانصات إليّ و التلاوة الصامتة. قال: فلما وصلنا وجهتنا وانتهت مراسيم السلام التفت إليَّ محمد والد و سأل الصافي قائلاً : من هو هذا الفتى الذي سيمتلك الإبل الكثيرة ! و صدقت فراسة الشيخ الولي لاحقا .. و من الطريف أن لمرابط مامّين دأب على أن يقول للرعاة بالحسانية :" آنَ إيبلِ ذيك الّ فاتْ اذكرْ لي والد ولد خالُنا .. ماه لاه توغدْ .. وآن ما نعرفْ گدهَ يغير بعد ملانَ يعرفْ گد ازغَبهَ "!
و أما اسليمان بن الصافي فهْو الخلُّ الذي يعنيه العلامة امحمد بن أحمد يوره كما يقول حفيده و صديقنا الباحث المدقق امحمد بن شمّاد حفظه الله ورعاه في قطعته البديعة المشهورة:
على الربع بالمدروم أيّهْ وحيِّهِ
وإن كان لا يدري جواب المؤيهِ
وقفت به جذلان نفس كأنما
وقفتُ على ليلاه فيه وميّه
فقلت لخلّ طالما قد صحبته
وأدنيته من دون خلاّن حيّه
أعنّي بصوب الدمع من بعد صونه
ونشر سرير الشوق من بعد طيّه
فما أنت خلّ المرء في حال رشده
إذا كنت لست الخلّ في حال غيّهِ!
وهو المعنيّ كذلك في قوله:
أخبرني الظريفُ نجل الصافي
وما به أخبر " ماهِ حافِ "
أن الذي تكتبه الهجّاله
من سور القرآن و الرساله
وقرة الأبصار والأمداحِ
به تريد سرعة النكاح !
و أما الحفيد محنض بن اسليمان بن الصافي فكان يدير محظرة قرآنية كبيرة ، و موازاة لذلك فقد اشتهر في المنطقة بجمال الخط كما اشتهر بذلك والده من قبل اسليمان بن الصافي.ولذلك شغل محنض وظيفة الكاتب الخاص في ديوان القاضي محمذن بن محمد فال الملقب امّييْ.
و والدة محنض بن اسليمان هي عيشه بنت المختار بن چيچَّ هي وأختها سلمَ بنت المختار التي هي أم احبيبَ بنت الشريف بالقاسم و هي كذلك أم بعض عيال محمدْ بن والد بن الحريري بن المختار بن بلَّ بن المختار اگدَ عثمان ْ. و أمهما هي مريم منت سيدْ أحمد بن ابا الأوتيدي ( أسرة أهل ابّاه في عداد إچكوچي) وطنا .
قال الشريف اللغوي الفقيه محمدن بن المختار بن الحسن بن حمّادي :"شهد محنض بن اسليمان مرة في مسألة فاطلع على تلك الشهادة لمرابط محمد سالم بن ألُمَّا فكتب معقبا على شهادته" اما بعد فإن محنض بن اسليمان مشهور بالرضى والعدالة" .وعقب القاضى اميي قائلا: "اقول بمثله فى محنض".
ولعل محنض هو أول من جمع ديوان امحمد بن أحمد يوره واستنسخهُ بخطه الجميل و كانت نسخته تلك هي معتمدي في جمع الديوان و نشره في طبعته الأولى سنة 1981م في إطار نشاطات مكتب التوفيق .
تزوج محنض عدة مرات ولكن عقبه قد انقطع و هو دفين مقبرة المدروم إلى جانب والديْه اسليمان بن الصافي و عيشه بنت المختار بن چيْچَّ وغيرهما من علية القوم.
رحم الله السلف وبارك في الخلَف .
Commentaires
Enregistrer un commentaire