الوقت المختار..

لسبت 2 اكتوبر 2021م
وجهتُ السؤال التالي إلى الشريف اللغويّ الفقيه عضو رابطة العلماء الموريتانيين : محمدن بن المختار بن الحسن بن حمَّادي : ما رأيكم في مواقيت الصلاة التي يعتمدها الامام شغالي في مسجده بتفرغ زينه وخاصة وقت صلاة الصبح ؟ وهلا تعتقدون أن الظروف الأمنية في انواكشوط منذ بعض الوقت يمكن إدراجُها صمنَ الأعذار المعتبرة في تأخير الصلاة ؟
فأجابني بقوله :
اولا : سألت مرة الشيخ محمد يحيى
ولد الشيخ الحسين - وهو من هو-
عن مسألةٍ فقال لى أتعرف رجلا
يشبه الصالحين؟ (يعنى شغالي
وهو حينها طالب فى المعهد العالي)
فقلت نعم!. فأفتاني فى المسألة
بعملٍ عمِلَه شغالي فى نظيرتها. وكان شغالي قدوة عند الشيخ محمديحيى مع رسوخ قدمه فى العلم.
ثانيا: مذهب الشيخ محمد
ابن أبي زيد( ولقبه مالك الأصغر)
أنّ الصبح وقتُها المختار هو : إلى أن يذُرَّ قرنُ الشمس. قال ابن أبي زيد رحمه الله:
أَمَّا صَلاَةُ الصُّبْحِ فَهِي الصَّلاَةُ الْوُسْطَى عِنْدَ أهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهِي صَلاَةُ الْفَجْرِ، فَأَوَّلُ وَقْتِهَا اِنْصِداعُ الْفَجْرِ الْمُعْتَرِضِ بِالضِّيَاءِ فِي أقْصَى الْمَشْرِقِ، ذاهِباً مِنَ الْقِبْلَةِ إِلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ حَتَّى يَرْتَفِعَ فَيَعُمَّ الْأُفُقَ، وَآخِرُ الْوَقْتِ الْإِسْفارُ الْبَيِّنُ الَّذِي إِذَا سَلَّمَ مِنْهَا بَدَا حاجِبُ الشَّمْسِ، وَمَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ وَاسِعٌ، وَأَفْضَلُ ذَلِكَ أولُه.
ثالثا: مذهب أبي حنيفة
رحمه الله تعالى أنَّ الوقت
المختار هو آخر الوقت
خلافا لمذهب الإمام الشافعي فى جعله
المختارَ أولَ الوقت.
وجمعَ المالكية بين القولين
فجعلوا مختارا وضرورريا.
ومن شواهد تدريس المختصر:
مؤخِّر الصلاة للضروري
فآثمٌ فى المذهب المشهور
ومالكٌ سحنونُ وابن القاسمِ
مُنسِئُها للثانِ غيرُ آثمِ.
وقد نصٌَ ابن حجر فى فتحه
ان الإثم إنما يتعلق بإخراجها
عن وقتها.
وإذا أخذنا مسألة الأمن التى
ذكرتم وأنّ بعض الناس- وفيهم
من أعرفه - لايصلون الصبح
جماعةً خوفا على انفسهم
وكذلك أصحاب الضرورات
الذين لايتمكنون من الصلاة
جماعةً إذا أُقيمت فى أول وقتها
وخاصة الجمعة التى هي فرض
يومها على المشهور، فإن كلَّ هذه الأقوال والمقاصدَ تجعل اجتهاد أخينا الإمام شغالي
اجتهادا صائبا..
قلت : ورد في المدونة قولان للإمام مالك عن الوقت المختار لصلاة الصبح.
أولا: القول الأول بأنه يمتد للإسفار الأعلى وهو رواية ابن عبد الحكَم وابن القاسم .قال ابن عبد السلام: وهو المشهور.
وقد اعتمده الشيخ خليل.قال الدسوقي في حاشيته : وهو أشهر وأقوى كما قال شيخنا.
ثانيا: والقول الثاني بأنه يمتدُّ لطلوع الشمس ولا ضروريَ له وهو رواية ابن وهب وعزاه عياض لكافة العلماء وأئمة الفتوى، قال: وهو مشهور قول مالك.
والحاصل أن كلا من القولين قد شُهّر.
و قد حاولتُ نظم هذه المسألة :
وفي امتداد الوقت الاختياري
للصبح خلفُ السادةِ الأخيار ِ
المالكيين لما قد دوَّنهْ
عن مالكٍ سحنونُ في المدونهْ
قولان إذ روى ابنُ عبدِ الحكَمِ
كذاك نجل القاسِمِ المقدّم
بأنه يمتدّ للإسفار
الآعْلى ابتداءَ وَضَحِ النهار
شهّر ذا القول القويمَ نجلُ
عبد السلامِ القرطبيُّ العدلُ
وعدّه الشيخُ خليلٌ أولى
بقوة معتمِدًا ذا القولاَ
كذا من الاسفار الآعْلى قد سرى
وقتُ ضروريٍّ إلى أن تظهرا
شمسٌ بحيث أنه إن سلّما
إذا بقرص الشمس في الأفُقِ سما
وإنَّ في مؤخِّر الصلاةِ
إلى الضروريّ خلافاً ياتي
بمقتضى ذا القول لا سواه
إذ قد روى ذا القولَ راويّاهُ
وإنني مضمّنٌ بيتيْن
تضمَّنا حكميْن محكميْن:
[مؤخِّر الصلاة للضروري
فآثمٌ فى المذهب المشهور
ومالكٌ سحنونُ وابن القاسمِ
مُنسِئُها للثانِ غيرُ آثمِ]
و الاثمُ في إخراجها قد انحَصَرْ
عن وقتها. ذكر ذاك ابنُ حجرْ
والقول الآول روى ابنُ وهْبِ
خلافَهُ يُضيءُ مثل الشُّهْبِ
فعنده المختار إذْ يمتدُّ
له طلوع الشمس فيها حدُّ
ولا ضروريَّ لديه يقتفىَ
للصبح إذ بذلك الحدِّ انتفى
و قال عيّاضٌ بأنّ ذلكْ
في رأيه مشهورُ قولِ مالكْ
معتبرا ذا القول قولاً أقوى
عند ذوي العلم و أهلِ الفتْوى
وهكذا يكون في ذا الشان
لمالكٍ قولان مشهوران
فاقْفُ كما تشاءُ أيَّ ذينْ
تختاره من ذينك القوليْنِ
وإنني إذ أقتفي شغالي
بما اقتفى شغالي في انشغالي
إذ شيخُهُ محمدٌ يحيى الكمي
من هو للشيخ الحسيْن ينتمي
زكّاه في العلمِ و في الصلاح
قلتُ إذن حيَّ على الفلاحِ!
كما روى محمدن أعني السّني
نجلَ الرِّضى المختارِ نجلِ الحسن
من للرِّضى حمَّادِ ذو انتسابِ
ذي الشرف الصريح في الأنساب
كم شاهدٍ لهم به من ﻛﻞِّ حيْ
كمثل من برّزه القاضي امَّييْ
وابنُ ألُمّا قال أيضاً: اشتهرْ
بأنه عدلٌ رضًى كما ذكرْ
أعني محمدْ سالمُ اليدالي
كلاهما برّز في مقالِ
خالي محنض القارئ المصافي
نجل سليمانٍ سليلِ الصافي
الأبهمي من فاق في القرآن
ودرّس الصفوة من ديمان
وغيرِهِمْ إذ فيضُهُ ما حَظَرَهْ
عن طالبٍ أكرمْ بتلك المحظرهْ
قال: محمدن سألتُ الشيخا
من أوتيَ التمكين والترسيخا
مسألةً في الفقه لم تتّضح
فقال لي كأنما لم يُفصح:
هل تعرف الفتى الذي قد شبِها
في الصالحين كلَّ سمتٍ وبَهَا
يعني بذا شغال نجلَ المصطفى
إذ بصفات الصالحين اتَّصفا
قلت نعم! قال اعملنْ في المسألهْ
ما في نظيرةٍ لها قد عملهْ!
وهذه تزكيةٌ مزدوجهْ
بها الرضى تاجُ العلوم توّجه
في العلم والصلاح فهْو قدوهْ
لديه قد أنيل تلك الحظوه
ملاحظة:
بداية وقت الصبح : 5h36.
الشروق : 6h54
أي أن وقت الصبح : 78 دقيقة .
و كأنما الإمام شغالي يقسم وقت الصبح إلى ثلاثة أجزاء ( 3/78=26 دقيقة.مقدارُ ﻛﻞِّ جزء منها حوالي 30 دقيقة.
وهو يصلي في تمام الساعة 6h30 وتستغرق صلاته أقل من 4 دقائق و معنى ذلك أنه بعد أن يؤديَ صلاته يبقى ثلث الوقت (3/1) أي أكثر من 20 دقيقة قبل ظهور الشمس .
رحم الله السلف وبارك في الخلَف .

 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..