توضيح يتعلق بموضوع ألقاب وكُنَى الشناقطة

 

توضيح يتعلق بموضوع ألقاب وكُنَى الشناقطة للشريف الفقيه الأديب المعلوم بن لمرابط السملالي ..
السبت 19 فبراير 2022م
كتب الشريف الفقيه الأديب المعلوم بن لمرابط السملالي تدوينة ماتعة ومفيدة ظهرت على صفحته يوم الجمعة 18 فبراير 2022م تحت عنوان " من ألقاب وكنى الشناقطة " منبها في مستهلها إلى أن ما كتبه " موضوع معرض للتصفح والزيادة".وقد تصفحت الموضوع فإذا به قد تضمن جملة مفيدة من كنى وألقاب الكثير من الأعلام الموريتانيين وخاصة منهم العلماء وذكر من بين هؤلاء :
[الوالد: الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الديماني التونكلي وذكر أنّ السبب في أنْ يُطلق عليه هذا الاسم هو " كثرة بروره بتلامذته وتفضله عليهم" فلقبه بذلك تلامذته كما ورد في كتاب فتح الشكور: ص 307].
وها أنا أزيد على ما ذكره أخي المعلوم بأن المعنيّ هو محمدْ والد بن المصطفى بن خالُنا الأبهمي الديماني المتوفّى سنة 1212 هجرية وقد أرخ لوفاته لمرابط محمذن فال بن متالي على نهج الفشتالية بقوله :
ووالدٌ الشافي الغليلَ بشرحه
[يُبَشَّرُ] بالعذب الرحيق المسلسل
وهو هنا يشير إلى شرحه مختصر الشيخ خليل المسمى " شفاء الغليل وراحة العليل في شرح مختصر الشيخ خليل " والمشتهر بين الناس باسم " المعين " أو " معين والد " و يُطلق مصطلح "المعين " كذلك على شرح آخر لمختصر الشيخ خليل لمؤلفه الشيخ حبيب الله بن القاضي. وقد اشتهر المؤلفان بين تلاميذ المحاظر في الجمع بالاسم الحسّاني "لمَّاعِينْ " وهي بمعنى آخر مستلزمات الشاي الموريتاني .. وقد سمعت مرة أستاذنا الدكتور محمد المختار بن ابّاه يروي نكتة محظرية مفادُها أنّ قافلة نزلت بالقرب من أحد الأحياء وأرسلت من بين أفرادها من يأتيها لدى الحيّ بمستلزمات صناعة الشاي " امّاعين " عريةً فصادف الرسول طلاب محظرة فلما أدّى رسالته قالوا له بالحسانية :" نحن بعد هاذُ ما عندنَ ماه امّاعين والدْ ولد خالُنا ؤ حيبُ الله ولد القاضي "!وسآتي بالمزيد من التوضيح في الموضوع في ما يتعلق باللقب والاسم والانتساب.
أولا : اللقب..
لقد عُرف المعني باسم " والد " لأبيه المصطفى بن خالُنا بن عمِّ بن المختار اگدَ عثمان .والمختار هذا هو أخو أبو بكر جد الامام ناصر الدين و هو كذلك أخو عمر جد أهل أعمر إديْقب . و " والد " هو لقب جده لأمه وقد سمّته عليه تيامنا، وهي خديجة الملقبة خدجَ بنت والد بن محنض ( صاحب نظم السبعة مطالب ) بن ألفغ الأمين (ت سنة 1101 هـ ) بن سيد الفاللِّ الديماني ( ت سنة 1045 هـ ) وأم أبيه المصطفى بن خالُنا فهي كذلك : أم هانئ بنت متيليَّ بن سيد الفاللِّ الديماني .وأم هانئ هذه هي أخت مريم بنت متيليه أم عيال المصطف بن بلَّ الأبهمي كما أنها أيضا أختُ مولود بن متيليَّ مؤلف كتاب " العسل المصفي" و دفين أگننتْ.
ثانيا: الاسم
إن الإسم الصحيح للمعني كما ذكرنا هو : محمدْ الملقب والد وهو سميّ جده لأمه والد بن محنض بن ألفغ الأمين بن سيد الفاللِّ الديماني وقد عرف نفسه في مستهل قصيدة له قال إنه نظمها سنة 1180 هجرية فقال :
محمدٌ والدُ بن المصطفى وسلي
لُ خالنا علماً من سرِّ ديمان
أما الإسم الذي ذكره أخي المعلوم في تدوينته بعد ذكر اللقب وهو : عبد الله بن عبد الرحمان نقلا عن كتاب فتح الشكور فإن مصدره هو محمد والد الذي سمى به نفسه في مقدمة شرحه مختصر الشيخ خليل آنف الذكر إذ يقول في هذه المقدمة :" يقول الفقير المضطرُّ لرحمة ربه عبد الرحمن بن عبد الرحيم التونكلي " ..
ويرفع عنا الأستاذ محمذن بن بابّاه حفظه الله اللبس في ذلك فيقول عن محمد والد : " وله اسم مستعار نحته من كلمات البسملة وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم يستعمله على سبيل التيامن و التبرك . وقد ترجم له خطأ صاحب كتاب فتح الشكور تحت هذا الاسم المستعار "!
وقد أثارت هذه التسمية المبهمة خلطا لدى بعض الباحثين حتى شك في نسبة المعين اليه .. وبالمناسبة أذكر أنني لقيت مرة أخي الباحث الدكتور سيد أحمد بن الأمير في دار الثقافة فنبهني إلى أن أخويَّ الباحثيْن الجليلين الدكتور جمال بن الحسن رحمه الله والدكتور ددّود بن عبد الله حفظه الله الذين يعملان آنذاك على تحقيق كتاب " فتح الشكور " قد عثرا في مكتبة تومبكتو على نسخة من شرح محمد والد للشيخ خليل منسوبة لغيره بصورة أثارت لديهما الشك القويَّ في نسبة الكتاب إليه ! ولعله مما قوى ذلك الشك أن المؤلف سمى كتابه " شفاء الغليل وراحة العليل في شرح مختصر الشيخ خليل " وأثبت ذلك في مقدمته ولكنّ هذه المقدمة لا توجد إلا في نسخ محدودة جدا من هذا الكتاب منها واحدة محفوظة في قسم المخطوطات في دار الثقافة . واعتمادا على هذه المقدمة لم أجد عناءً كبيرا في إقناع أخي د. ددُّود بن عبد الله بحقيقة نسبة هذا الكتاب إلى صاحبه معضدا رأيي بأدلة إضافية منها البيتان المذكوران آنفا للعلامة لمرابط محمذن فال بن متالي.. وقد أورد الدكتور ددّود ما جرى بيننا في هذا الخصوص في النسخة التي اشترك في تحقيقها مع المرحوم جمال من كتاب " فتح الشكور وتم نشرها منذ بعض الوقت ".
ثالثا : الانتساب
وخلافا لموضوع الاسم فقد ظل محمد والد بن خالُنا حريصا على أن لا ينتسب إلا إلى بني ديمان أو التونكليين ولا أظنه في ذلك إلا متبعاً لا مبتدعاً .. وكلا النسبتين ترجعه إلى أحد جدوده الأعلين : أما النسبة إلى ديمان فتعود به إلى مهنض أمغرْ أي ديمان الأكبر وهو الجد الجامع لبني ديمان خامس الخمسة من حلف تاشمشه ، وأما النسبة إلى التونكليين فتعود به إلى المتوكل على الله وهو الجد الجامع للتونكليين . قال القاضي عبد الله بن أمين في كتابه عقود الجمان : " تتفرع شجرة التونكليين المدعوين ببني ديمان بمفهومه الخاص من باب تسمية الشيء باسم بعضه من : علي التونكلي جد مهنض أمغر و أخيه لأم و ابن عمه يحيى التونكلي فإلى يحيى التونكلي ينتهي نسب أهل أحمد چپَّ الداخلين في إجكوج.... ".
وقال الأستاذ الأديب محمد فال ولد عبد اللطيف في مقدمة شرحه لنظم أنساب أهل أعمر إيديقب: "التونكليون و ذرية مهنض أمغر و بنو ديمان ألفاظ مترادفة "، وذكر أنهم "كانوا أهل عدد و عدة كما يفهم من المصادر التي حصلنا عليها ككتاب الأنساب لوالد [ ابن خالنا] و ذات ألواح و دسر [للشيخ سيد احمد بن أسمه] .و أصله بالبربرية تونكچ و هي تحريف لكلمة المتوكل على الله على قاعدة إبدال اللام جيما عندهم".
قلت : و انطلاقا من ذلك التطابق يدخل في عداد التونكليين كذلك اليداليون ( إدودايْ) بالمفهوم الجامع لبني يذرنن تكجمت ، كما يقرر العلامة محمد والد بن خالُنا إذ يذكر شيخه قطب زمانه الشيخ محمد اليدالي في الجزء الثاني من كتاب " المعين (ويبدو أنه وضعه في حياة شيخه) فيقول : " ونظم محمد بن المختار التونكلي اليدالي السعيدي اللازم في العقود الثمانية المذكورة فقال :
مسمّى صداق مع مسميْن بعده
صداقان ثم اثنان جا فيهما الخُلفُ" الخ...".
ويظهر أن الانتساب للتونكليين كان هو الصفة المفضلة للأجلاء من القوم ..
فهذا بحرُ العلوم لمرابط محمد فال بن محمذن بن أحمدْ بن العاقل " لمرابط ببها علماً " يقول في مستهل نظمه في حوادث السنين النبوية (الذي وضع عليه العلامة ابَّاه بن عبد الله احمرارًا مشهورًا) :
يقول عبد ربه التونكلي
الحمد لله العليِّ الأجللِ
و هذا القاضي أحمد سالم بن سيدي محمد بن الشيخ أحمد بن الفاللِّ في مستهل نظمه أنساب أهل أعمر إديقب يقول هو الآخر :
يقول أحمدْ سالمُ بن سيدي
محمدْ التونكليِ الإگيدي
وأعود إلى موضوع المعينيْن لأذكر إنهما حصل بينهما لبس لم يرتفع إلاّ مؤخرا اعتماداً على النسخ المحفوظة منهما في قسم المخطوطات التابع للوزارة المكلفة بالثقافة ولعل هذا المجهود جاء مكملا لمجهود سابق مماثل حصل منذ عقود من الزمن. ذلك أن العلامة محمدن بن محمد بن حمينَّه أيام كان باحثا في ذلك القسم ، دعاني مرة ( وكنت من الرواد المنتظمين في ذلك القسم حديث النشأة ) وقال لي :" هيّا بنا نتعاونْ من أجل رفع اللبس بين المعينيْن : معين محمد والد بن خالُنا و معين حبيب الله بن القاضي ومكثنا يوما كاملا من المقارنة والتمحيص لم أعد أتذكر نتيجته .. إلا أنه من الأخطاء التي علقت بذهني - ولا تزال لم ترتفع بعد رغم أنني نبهت عليها أنا والدكتور يحيى بن البراء القائمين على الأمر- هي نسبة أحد جزأيْ معين والد خطأً إلى العلامة حبيب الله بن القاضي وهو بخط العلامة الأمانة بن المختار بن الاَّ بن المصطف بن بلَّ الأبهمي وهو من كبار الطلاب المتخرجين من محظرة امحمد فال بن والد بن خالُنا و كان خليفته في محظرته و في أهله من بعده .
هذا وإنني أعكف الآن على وضع اللمسات الأخيرة على كرّاس يتناول هذا الفرع بمفهومه الشامل بما وسعني من الدقة و التمحيص والتوضيح .
و في الأخير فإنني أختم هذا الموضوع عن والد بن خالُنا بما رواه عنه العلامة هارون بن الشيخ سيديَّ في" الجزء الأول من كتاب" الأخبار" الطبعة الأولى - الصفحة 73 – 74 قال:" إن محمذن الملقب منِّيه بن الفغ عُبَيْد (و هو خال الشيخ سيديَّ الكبير ) وقد رأس أولاد أبييري في مرحلة معيَّنة من التاريخ ، قد انكسر بعد قيادته لإحدى الحروب القبلية فذهب إلى محمدْ والد بن خالُنا الديماني و صحبهُ وتاب إلى الله تعلى معه توبة نصوحاً وصار يبكي من خشية الله. ". وقال إن منِّيه هذا قال إنَّ شيخه محمد والدْ قال له مرةً : " إن أمر الزوايا عامةً، وأمر أولاد أبييري خاصة، سيصلحُ على يد واحد من قومكم المتغيبين في طلب العلم". قال: وكان من بين المتغيبين منهم آنذاك لطلب العلم ابن أخته الشيخ سيديَّ وابن أخيه سيدي المختار. فكان منِّيهْ يتطلع دوما إلى خبر الشيخ سيديَّ (ابن أخته) أكثر من تطلعه إلى خبر سيد المختار (ابن أخيه) ويقول: "إنه هو يرجو ذلك لابن أخته الشيخ سيديَّ دون ابن أخيه سيد المختار بن سيديا".
قلت: وقد رويت هذه القصة عن أحد الثقاة هو جارنا في الحيْ أحمد بن أمنادم وقد رواها مباشرة عن العلامة أحمدْ بن مولود بن داداه عن الراوي منّيه بسند عالٍ متصل . .
وتمر الأيام لتتحقق أمنية الخال و تنكشفَ للعيان صحة كشف محمد والد بن خالُنا بظهور شيخنا الشيخ سيديَّ الكبير المتوفَّى 1286م" وما تلاها من يمن وبركة عمت العباد والبلاد.
محمدن بن سيدي الملقب بدنَّ
رحم الله السلف وبارك في الخلَف .

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..