الحارثٌ الكبير ..
الحارثٌ الكبير ..
خلال زيارة خاطفة زوال اليوم الخميس 22 يوليو 2021ميلادية لأخي في الله الشاعر الكبير محمد الحافظ ولد أحمدو في منزله في لكصر ، استطعتُ بعد جهد جهيد أن أنتزع منه هذا الكتاب المرقون المرفقة صورته ، فجاء ذلك مصداقا لما يصف به نفسه بأنه "بخيل بالكتب إلى أبعد حد " ، ويردف فيقول باللغة الحسانية " ألا فيَ غيبتهَ ".
والكتاب هو شرح مدونة الستة الجاهليين : امرؤ القيس و علقمة بن عبدة والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى وطرفة بن العبد وعنترة بن شداد ..
أما المؤلف فهو أحد العلماء الموريتانيين .
فتحت الكتاب فاستوقفني منه ما ورد في مستهل الشرح :
قفا نبكِ من ذِكرَى حبيبٍ ومنزلِ
بسِقطِ اللِّوى بين الدَّخُول فحوْمَلِ
فتُوضِحَ فالمغراتِ لم يَعْفُ رسمُها
لِما نسجتْها من جَنُوبٍ وشَمْأَلِ
[قوله: قفا نبكِ ..الخ.. عبّر بالتثنية لأن أقل الرفقاء عندهم ثلاثة : الرجل وخادمُه وراعي مالِه ، وقيل : أراد واحداً بدليل قوله في آخر القصيدة : "أحارِ ترى برقاً " ونظيرُه : {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} والمخاطَب مالك خازن النار. نادى صاحبيْه وأمرهما بالوقوف معه، وبيّن علّة الأمر ، وهو نبكِ ، وبيّن العلة بقوله: من ذِكرَى حبيب ، وحذف الشرط لشدة ارتباط البكاء بالوقوف حتى حذف الواسطة بينهما ، وأضاف الذكرى للحبيب تبييناً لتمام العلة ، وإعذاراً لنفسه ، وعطف المنزل على الحبيب لسقوط درجته عنه، لأن المنزل إنما أثَّر الذكرى في القلب لأنه الحبيب ، وبيّن محلَّ المنزل بأنه بسقط اللِّوى ، وبيَّن أيضا محلَّ ذلك اللِّوى وهو أعمُّ ممّا قبله بأنه بين الدخول و حومل و توضحَ والمغراتِ ، وبيّن حال المنزل بأنه لم ينمحِ بالكلية ، بل بقيت منه آثار تدلّ عليه، لِتُهيِّجَ ذِكرَى من كان فيه من الأحبابِ، وبيّن علة عدم عُفُوِّه وهو تعاقب الرياح المتقابلة عليه ، فإذا دفنته ريح بالرملِ كشفته عنه أخرى ، وكل علة من هذه مبنية على سؤال مقدر ، كأنه لمّا قال : قفا! قيل له : لأيّ شيءٍ؟ قال: لنبكيَ! فقيل: ممَّ البكاء؟ فقال: من تذكر الحبيب والمنزل ! فقيل: فأين المنزل؟قال: بسِقط اللِّوى! فقيل: أين هذا اللّوى ؟ فقال: بين هذه المواضع !فقيل: كيف هذا المنزل؟ فقال: لم يعفُ رسمُه ! فقيل: ولمَ ذلك؟ فقال : لتعاقب الرياح عليه! فقيل: أيّ الرياح؟ فقال: جنوب وشمْأل، وعطف حومل بالفاء والمقام للواوِ لأنها من خواص بين ، وقد رُوي البيتُ بهما ، وق عيب عليه تعلق الشطر الأول بالثاني ، وقيل إن بيته هذا من أحسن الأبيات لأنه وقف واستوقف، وبكى واستبكى ، وذكر الحبيب والمنزل في شطر واحد ، فحيث طلب الوقوف فإنه يدل على أنه وقف ، وحيث أسند الفعل أي نبك له ولغيره فقد استبكى ، أي طلب منهما البكاء . وفي جنوب وشمأل مقابلة شبه التضاد].
و المؤلف هو العالم العلامة الحارث بن سيدي عبد الله الشقروي الحسني ( 1242- 1319 هجرية).قال العلامة المختار بن المحبوبي في أحداث سنة 1319 هجرية:
وفيه مات ذو المحاسن السني
اللغويُّ الحارثُ البلحسني !
راجع الكتاب وحققه الأستاذ محمد بن المختار بن أبنُ.
قال عنه أستاذنا محمد فال ولد عبد اللطيف "ببَّاهْ علَماً" :لم أكد أقرأ العنوان الكبير المرسوم على هذا الشرح ، حتى ذهب وهلي إلى أنه يتحدث عن أمجاد الملوك من أبناء جفنة الغسانيينْ من أمثال الحارث الأكبر والحارث الأوسط والحارث الأصغر..ولما فتحتُ الكتاب وطالعتُ فيه وجدته فعلا يتحدث عن أمجاد ملوك ، ولكن من طراز آخر : ملوك حفظوا على العرب ولغة العرب ما لم يحفظه عليهم لا الملوك الغساسنة في الشام ولا المناذرة في الحيرة .. تلك يدٌ بيضاء لهؤلاء الشقرويين على هذا الصقع من الوطن العربي لا ينكرها إلا مكابر !
وقال المحقق في توطئته: وهذا الشرح هو أحد شروح ثلاثة : كبير و أوسط و صغير وضعها الحارث على هذه المدونة ولم يضع لأي منها عنوانا فلذلك عُرِف كل منها باسم المؤلف فهي: الحارث الكبير ، والحارث الأوسط ، والحارث الصغير .والسبب في كونها ثلاثة هو أنه لما ألف هذا الكبير عرضه على العلامة حبيب الله بن الأمين بن الحاج فقال له: لا مأخذ لي ولا لغيري عليه سوى أنه لا كبيرَ حظ منه للمبتدئين الصغار لاسترسالهِ في الشرح وتتبُّعه مناحيَ البلاغة واستقصائه وجوه علومها الثلاثة في كل بيت على حدته ! فوضع الشرح الصغير وعرضه عليه أيضا فقال له: مأخذي عليه هو إسرافه في الإيجاز! عندئذ وضع الأوسط!
هذا ويتميز الحارث الكبير كما ذكر المحقق بأن " تحليلاته البلاغية أشمل وأعمق ، وهو "أضخم حجما و أندر نُسَخاً "!
أخذ الحارث عن جملة من الأساتذة الأجلاء أبرزهم والده القاضي محمدْ الملقب محنض بن سيدي عبد الله الشقروي الحسني وهو من أجل تلاميذ العلامة حرمة بن عبد الجليل .قال أحمد بن الأمين صاحب كتاب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط عند ترجمة العلامة حرمه :" ولم يبلغ أحد من تلامذته - يعني حرمه بن عبد الجليل - مبلغ الشيخ سيديا بن المختار بن الهيبهْ ومحنضْ بن سيدي عبد الله الشقروي"!
تصدر الحارث للتدريس في محظرة آبائه آل سيدي عبد الله الشقرويين و من أبرز من تخرج منها على يديه : ابنه القاضي الأمين بن الحارث و الأمين بن الغزالي و محمدو بن الغزالي و لمرابط أحمدُو بن أحمذيه و العالمان الفوتيانِ: أحمد مختار آن و أحمد مختار ساخو ..و في ذلك يقول أخونا الشاعر الفقيه : بونَ عمر لي :" يرتبط اسم الحارث بمرحلة تاريخية بالغة الأهمية في تاريخ الفوتيينَ لأنه يمثل روضة معارف غنَّاء جنى منها الجيل الثالث من علماء فوتا بكافة أقاليمها ثمارا يانعة ، غرسوا منها للأجيال بعدهم بساتين وحدائق ذات بهجة صنوان و غير صنوان تسقى بماء واحد ويفضل الله بعضهم على بعض، فاقتبسوا من ذلك النور الشقروي أشعة فتحت أعينا عمْيا ، وآذانا صما ، وقلوبا غُلفاً، و أجروا من حياضه جداول فيض غامر أصاب أرضا طيبة أمسكت الماء فنفع الله به الخلق الكثير" .
رحم الله السلف وبارك في الخلَف .
CASINO BETTING - JLM Hub
RépondreSupprimerCasino · Restaurants 안동 출장안마 · 시흥 출장안마 Casino · Contact Us · Casino 전라남도 출장마사지 › w88 Contact Us 하남 출장안마 · Contact Us