هل يمكن استدعاء الرئيس من قبل اللجنة البرلمانية ؟

من صفحة Mohameden Ould Sidi Bedena

التاريخ : الخميس  23 ابريل 2020م

هل يحق للجنة التحقيق البرلمانية استدعاء رئيس الجمهورية ؟
وجهة نظر غير مختص ..

تمهيداً لهذا الموضوع ، أستأذن في توضيح يتعلق باللجان البرلمانية الموريتانية عموماً لأقول إن المادة 64 (جديدةمن الدستور الموريتاني تنص على أن مشاريع واقتراحات القوانين تقدم بطلب من الحكومة أوالجمعية الوطنية، إلى لجان تعين خصيصا لهذا الغرض.
و تقول بأن المشاريع والإقتراحات التي لم يقدم بشأنها هذا الطلب، تحال إلى إحدى اللجان الدائمة فيالجمعية الوطنية وعددها خمس لجان.
يتضح إذن من خلال هذه المادة أن الدستور  الموريتاني يتحدث عن نوعين من اللجان هما : اللجانالخاصة و اللجان الدائمة و يحصر مهمة هاتين الفئتين من اللجان  في موضوع مشاريع و اقتراحاتالقوانين .
و من هنا يتدخل الأمر القانوني رقم 92-03 الصادر بتاريخ 18 فبراير 1992 المتعلق بسير الغرفتينلينص في المادة 11 على أن النظام الداخليَّ لكل غرفة يحدد تشكيل و نظام التصويت الخاص بأعضاءاللجان الدائمة المنصوص عليها في المادة 64 منِّ الدستور.و من هنا يغتنم المشرِّع الفرصة ليخولَ هذاالنظام الداخليِّ إمكانية إنشاء " لجان بالمناسبة " شريطة أن لا تتداخل صلاحياتها مع صلاحياتاللجان الدائمة الواردة في المادة 24 من هذا النظام.
و في المادة 29 من هذا النظام الداخلي يتم تحديد أنواع اللجان التي يمكن تعيينها على النحو التالي:
لجان دائمة؛
لجان خاصة؛
لجان “بالمناسبة؛
لجان متساوية الأطراف؛
لجنة للحسابات.
و بما أن صلاحيات اللجان الخاصة و اللجان الدائمة محددة سلفًا بموجب الدستور و تنحصر فياقتراحات و مشاريع القوانين فإن  النظام الداخليَّ الذي اتخذ المبادرة في إنشاء لجان " بالمناسبة " ،جاء في المادة 39: من النظام الداخلي ليقرر بشأنها ما يلي
[أولاًللجمعية الوطنية أن تشكل لجانا “بالمناسبة” من أجل دراسة:
– قضايا متعلقة بالحصانة البرلمانية؛
– نظام الجمعية الوطنية؛
– التحقيقات البرلمانية .
ثانيا : ينتهي وجود اللجنة “بالمناسبة” فور بت الجمعية الوطنية في القضية التي أنشئت من أجلها ].
و من هنا تبرز لأول مرة كلمة " التحقيقات البرلمانية " ، فهل يمكن تكييف اللجنة البرلمانية للتحقيق علىأنها لجنة " بالمناسبة " أنشئت من أجل التحقيقات البرلمانية ؟ 
لا أعتقد أن مثل هذه اللجان "غير الدستورية " جديرة بالاضطلاع بمثل تلك المسؤولية الجسيمة !!
هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى فإن المادة 45 من الدستورِ الموريتاني تقول : "يمارس البرلمانالسلطة التشريعيةو بطبيعة الحال تدخل ضمن ذلك مراقبة عمل الحكومة و تقييم السياسات العامة.ولكن الدستور الموريتاني الذي لم يكن صريحا في تحديد هذه المهمة لم يضع لها آليات لممارستها عكسالقانون الفرنسي الأب
و لاحقاً تأتي المادة 72 من الدستور لتُلزم الحكومة بأن تُقدم للبرلمان حسب الصيغ الواردة في القانون،"كلَّ إيضاحات تُطلب منها بشأن تسييرها ونشاطها".
و يظهر أن اللجنة البرلمانية للتحقيق التي نحن بصدد الحديث عنها أنشئت تطبيقا لتلك المادة منالدستور بتأويل مستساغ.
فلنسلم أنها كذلك ، فهنالك شرط يجب التقيد به وهو أن تقدم تلك الإيضاحات للبرلمان حسب الصيغالواردة في القانون.
و إذا كان الأمر كذلك ، فمعنى ذلك أنها لجنة لم ترد في صميم الدستور خلافاً للجان الخاصة و الدائمة.
و ما دام الأمر كذلك ، فهل هي جديرة بالاضطلاع بمسؤولية بحجم طموحاتها الحالية ؟سؤال موجهإلى الأخصائيين.
التجربة الفرنسية :
من المفارقات الغريبة أن الدستور الموريتاني الذي يقتبس من الدستور الجزائري الذي يقتبس بدوره منالدستور الفرنسي 1958 ، و يكاد يكون نسخةً طبق الأصل منه ، قد غابت منه المادتان الفرنسيتان 24 و51 شكلاً و مضمونا و هما المادتان اللتان تتضمنانِ بصريح العبارة موضوع مراقبة عمل الحكومة وتقييم السياسات العامة و إنشاء اللجان البرلمانية الضرورية لممارسة مهام الرقابة و التقييم!تقول المادة24 من الدستور الفرسي :" يقر البرلمان القوانينو يقوم بمراقبة عمل الحكومةو يقيم السياساتالعامةو تقول المادة 51 الفقرة 2  من ذات الدستور :" ولممارسة مهام الرقابة والتقييم المحددة فيالفقرة الأولى من المادة 24 ، يجوز إنشاء لجان تقصي الحقائق داخل كل مجلس للقيام بجمع المعلوماتوفق الشروط التي ينص عليها القانون.تحدد القوانين قواعدها تنظيمها وعملهاتحدد شروط إنشائها منقبل القواعد الإجرائية لكل مجلس ".
هذا و بالرغم من وجود لجان دستورية مهمتها تقصِّي الحقائق داخل البرلمان الفرنسي ، فإن الخلاف لايزال محتدماً بين فقهاء القانون الدستوري هنالك حول إمكانية استدعاء رئيس الجمهورية - و لو كانسابقاً - من قبل هذه اللجان . و من أبرز حجج القائلين باستحالة ذلك اعتبار هذا الاستدعاء منافيًالثلاثة مبادئ جوهرية هي : أولًافصل السلط ، ثانيا :  اعتبار الرئيس ليس مسؤولاً أمام البرلمان و إنماهو مسؤول أمام الشعب الذي انتخبه ، ثالثاً : أنه ينافي المبادئ الديمقراطية الواردة في الإعلان العالميلحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 1948 (الذي يعلن كل  من الدستورين تمسكه به فيديباجته).
و يقول هؤلاء أن قصارى ما يستساغ لرئيس الجمهورية أن يفعله هو أن يدلي بمحض إرادته بشهادتهحول موضوع معيَّن دون أن يكتسيَ ذلك أيَّ طابع للمساءلة و لا تترتب عليه أية نتيجة.
و يبدو أن ذلك هو الهدف الذي تتوجه إليه حاليًا اللجنة البرلمانية الموريتانية للتحقيق و الله أعلم .

رحم الله السلف و بارك في الخلف.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...