ذِكرَى مقتل اگزافيي كبولاني : خواطر حول الشهيد سيدي بن مولاي الزين وسيفه البتّار..

ذِكرَى مقتل اگزافيي  كبولاني : خواطر حول الشهيد سيدي بن مولاي الزين وسيفه البتّار..

 أولاد اصديگه مرَّاگين امْنْ الظيگه ..

هذه العبارة يطلقها أهل آدرار على الشريف  المجاهد الشهيد سيدي بن مولاي الزين وإخوته الأربعة وأخواته الأربع أبناء مولاي الزين بن العربي بن سيدي محمد بن عبد الرحمان القاسم بن مولاي عبد الله بن مولاي زين العابدين التلمساني دفين مدينة شنقيطي التاريخية.أما والدتهم اصديگه هذه فهي من قبيلة السماسيد أوجفت و هي بنت اسويْداتْ بن ببكر . و هؤلاء الأبناء والبنات هم بالنسبة للذكور : زيدان وسيدي و مولاي امحمد و الذهبي والعربي وبالنسبة للإناث: سعادُ و عائشة و لالَّه و اخديْجه تغمدهم الله برحمته الواسعة.

تروي الحكاية المتداولة في وسط أحفاد الشريف المجاهد الشهيد سيدي بن مولايْ الزين أن أول من أخذ الطريقة الشاذلية الغظفية من الأسرة هو زيدان بن مولاي الزين الأخ الأكبر للمجاهد سيدي و قد انتقد عليه ذلك بعض الناس ولكن أخاه سيدي انبرى يدافع عنه باستماتة وحزم، ومن ذلك قوله بالشعر الحساني:

حاشَ زيدان امن النقصان

فالظاهر لِ والِّ نعرفْ

عنُّ حسينْ ؤ فيه المانْ

ؤ لصلْ اشريفْ ؤ عاد امغظَّفْ!

ولم يزل سيدي يدافع عن أخيه زيدان حتى أخذ هو نفسه ورد الطريقة الشاذلية الغظفية على يد الشيخ محمد محمود الخلَف ، وفي ذلك يقول :

واكتنْ غظَّفْ سبّت فلشِ

غظَّفْ زيدانْ ؤ لا وگَّفْ

مانِ عاگبْ زيدان ابْشِ

أخير آنَ عدتْ انغظَّفْ

وهكذا لم يلبث الشريف سيدي بن مولاي الزين أن التحق بأخيه زيدان في الحضرة الغظفية في حاضرة أوجفت.

وتقول الرواية الأسرية ذاتُها أن سيدي بن مولاي الزين قال إنه رأى مرة في ما يرى النائمُ رؤيا مفادُها أن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بقتل اكزافيي كبولاني ..

وأنشأ يقول من الشعر الحساني:

حد امشيّن  لِ من لقليم

يسكتْ ما فات اسماهالِ

ذ الِّ طاريل من لحزيمْ

الليلَ ما گط اطرالِ !

وتقول الرواية كذلك أن سيدي لما قص هذه الرؤيا على شيخه الشيخ محمد محمود الخلَف صادف عنده سيفا فأمر بعض تلامذته بأن يستخرجوه له من مكمنه وناوله إياه !ورويتُ عن الشيخ الطالب اخيار بن مامين أن ذلك السيف قد يكون من ضمن بضعة سيوف أرسلها الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل مع ابنه الشيخ حسنَّ هدية إلى بعض الأعيان من الموريتانيين المشاركين لاحقا في غزِّ لركاب .قلت: ومن هؤلاء الشيخ الغزواني بن الشيخ الخلَف كما يؤكد المفكر السياسي الراحل محمد يحظيه بن ابريْد اللّيل رحمه الله.

وقد أخبرني كذلك أحد أفراد أسرة أهل مولاي الزين بمعطيات محددة عن هذا السيف يقول إنه رواها مباشرة عن معلمه القرآن القارئ محمد محمود بن الشيخ محمد الأمين الملقب حامِّين بن الشيخ محمد محمود الخلَف تتعلق بمصدر السيف والشخص الذي سلمه للشريف بأمر من الشيخ و الفنيّ الذي شحذه للشريف تمهيدا لاستخدامه وذلك على النحو التالي:

أولا: أن هذا السيف اشترتهُ إحدى القوافل الغظفية المعروفة من مالي وقدمت به إلى الحضرة الغظفية في أوجفتْ وأنه لم يزل محفوظا في المخازن الغظفية حتى تاريخ إهدائه المذكور.

ثانيا: أن الشخص الذي سلم السيف للشريف بأمر من الشيخ الخلَف هو غظفي من قبيلة السماسيد اسمه محمد المولود بن اسويْدات بن ببكر وهو ابنُ خالِ الشريف سيدي بن مولاي الزين مباشرة وهو المسؤول عن بعض مخازن ومستودعات الغظف في أوجفتْ.

ثالثا: أن الشخص الذي شحذ هذا السيف تمهيدا لاستخدامه اسمُه الطيِّب بن بو ادريْكه وهو من أهل شنقيطي.

هذا وابتداءً من ذلك التاريخ تعززت نية الشريف في الجهاد بمباركة الشيخ ووجود السيف.وتتضمن التقارير الفرنسية التي احتجزت هذا السيف بعد مقتل صاحبه بعض المواصفات الخاصة به ومنها تاريخ صناعته في سنة 1892  واسم الشركة التي أنتجته!

ولعلكم تستغربون إذا قلت لكم إن جميع تلك المواصفات تنطبق على ذلك النموذج الذي تحتفظ به اليوم أسرة أهل مولاي الزين في أطار والملحقة صور منه بهذه التدوينة .فكيف تم الحصول على ذلك النموذج ؟

يقول أحد أفراد أسرة أهل مولاي الزين بطرافة إن قصة الحصول على هذا النموذج تبدو غريبة ولكنها على كل حال ليست أكثر غرابة من قصة الحصول على السيف الأصلي ذاتهِ! ذلك أنه آلة حرب صنعت في مصنع فرنسي في أوروبا منذ غابر العصور لتقذف بها المقادير الالهية إلى إحدى المناطق النائية الواقعة في ما وراء البحار وتصيّرها هدية سنية لشيخ صوفي زاهد في تخوم الصحراء ليسلمها الى شريف مجاهد جعل اللهُ على يده مصرع واحد من أبرز الزعماء الإستعماريين في الدولة المصنّعة !

المهم أن القصتين كليهما تثيران الاستغراب ..وسمعتُ تسجيلا يروي فيه المهندس الشريف  العربي بن مولاي الحسن بن سيدي جعفر بن مولاي الزين - وهو من المواطنين الموريتانيين المقيمين في فرنسا - أنه طوال مقامه الطويل في فرنسا كان دائبَ البحث عن نموذج يقتنيه من السيف الذي استخدمه الشريف سيدي بن مولاي الزين في هجومه على حامية القائد اكزافيي كبلاني انطلاقا من المواصفات التي أثبتها الفرنسيون في مراسلاتهم و تقاريرهم الادارية. ولم يزل يبحث عنه حتى صادفه ذات يوم لدى صديق فرنسي هو حفيد لأحد الضباط الفرنسيين .. وقال إنه اشتراه عند ذلك الصديق الفرنسي سنة 2013 م بثمن كبير نسبيا واسطحبه معه إلى موريتانيا في سيارته  مرورا بفرنسا و اسبانيا والمغرب واستطاع أن يوصله بأعجوبة الى انواذيبُ دون أن تتعرض سيارته لأي تفتيش عبر مساره العابرِ للقارات !

ولا يزال هذا النموذج بحوزة الأسرة يمثل بالنسبة لها ولجميع الموريتانيين مثالا للفخر ورمزا للإعتزاز !

هذا ولم يخلُ أيٌّ من التقارير التي وضعها الضباط الفرنسيون الذين شاركوا في وقعة تجگجه من الإشادة بشجاعة ذلك الشريف المغوار و الآثار الموجعة لسيفه البتّار !وهكذا فإن افرير جان الذي غاب عن المعركة ولكنه هو من قاد نهايتها ليلتئذ وأمر بوقف إطلاق النار ثم خلف كبولاني بعد ذلك في قيادة الحامية بعد موته يقول في تقريره بتاريخ 17 مايو 1905م :" إن ثلاثةً من الرماة الخمس الجرحى جُرحوا بحدّ السيف وأن الملازم أول أتييفانْ (وهو من أردى الشريفَ شهيداً ) تلقى ضربةً بالسيف على الرأس تركت فيه شجّةً غائرة يساوي عمقها قطر القطعة النقدية من فئة خمس افرنكات" ! أما الطبيب كامبور فإنه يقدر عمق تلك الشجة الغائرة بدقة أكثر فيقول "إن عمقها يتراوح بين 5 و 6 سنتمترات ".

ومعلوم أن تلك المعركة حامية الوطيس لم تستغرق أكثر من خمس دقائق من يوم الجمعة الموافق 12 مايو 1905 أي من  21h30 إلى 21h35 ودارت في محيط جغرافي ضيق جدا وتكبد فيها الفرنسيون خسائر فادحةً إذ يقول الطبيب كامبور في تقريره إنها " قُتِلَ فيها القائد كبولاني و جُرح الملازم أول أتييفاهْ و لقي أربعة من الجنود الفرنسيين مصرعهم : اثنان من الرماة واثنان من گوميات وجُرح عشرة آخرون : خمس من الرماة وخمس من گوميات "!وفي المقابل استشهد ستة من المجاهدين هم : القائد الشريف سيدي بن مولاي الزين وأحمد بن هنُّون و الكوري بن الشويخ وأحمد بن لمّيلح ومحمدْ بن احويرثي و أحمد بن اعميره الذي استطاع أن يصل إلى الرشيد فأرسل إليه القائد الجديد من جيشه من عاد به من هناك وحاكمه محاكمة صورية عشية يوم الأربعاء 17 مايو 1905 ترأسها هو نفسه بمساعدة الترجمان دودُ سك وحكم عليه بالاعدام شنقا بالسرعة التي نفذ بها الحكم .. وجرح من المجاهدين ستة  هم:عبد الرحمان الملقب اللَّلَّ بن سيدي بن مولايْ الزيْن و السالك ولدالددَّ و احمود بن اعليَّه و محمدْ بن الصفره وسيد أحمدْ بن اعميْره و محمدالسالك بن السّالك الملقب اجَّاشْ..

رحم الله أؤلئك الأبطال المجاهدين الأشاوس..

وأختم بهذه الملحمة المعبرة التي أنتجها الأديب سلاّك بن الدّهاه بن لبطّاحْ بن برهومْ التّناكِي في توصيف تلك المعركة الخالدة:

بَسْم المُقَدَّمْ الرّبْ صوَّارْ

لَخْلُوقْ مُكَمْل ابْلاَ اتْحَزْوِيرْ

ابْدَيْتْ وانْدُورْ انْجَوْدْ اخْبارْ

الشّرْفَ ؤكَوْمْنَ افْذَ اتْبَعْثِير

ؤُ لاَ وَدَّيْتْ مَنْ حَقْهمْ اغيَارْ

ؤُ لاَ إِيْوَدِيهْ حَد ثَانِي غَير

يَعْرَفْ وَدَانْ وَ اْوجَفَتْ وَأطَارْ

الْكَطْ ظَاكْ انْتْكَمْكَمَتْ وَالْبِير

وَاهْل الرّشِيدِْ مَنْ صَحَّتْ اخْبار

فَالْحَكْ انْ ذَا اخْيَارْ امْجَابِير

أَكَلْهُمْ ظُلَمْ وَأَكَلْهُمْ عار

وَاخْيَارْهُمْ شَرْ وَاخْيَارْهُمْ خَير

جَ وَارَدْ اقْلِيمْ كَفّارْ افدار

امُشَبْرَ اوْطَارْ كَدّامُ انْذِير

ؤُكَلْ شِي إِيْقَلْ كُونْ التّعْمار

وَالعَدَّ الْمَاظْيَ وَاسْحَاحِير

ؤُجَ ماَ حَارْ فَادْخُولْ وَاخْبار

لَخْتِيلْ مُحَالْ كَيْم اتْبَرْبِير

وَاحْمَالْهُمْ فَمْ بَالْبَاسْ وَ النار

حِمَايَة الله وَ الرَّبْ قَدِير

ؤًجَاتْ حَمْجِيّتْ اخْيَارْ نزار

اشْفِيعْ لَحْرَارْ فَانْهَارْ لَكْبِير

ارْسُولْ كَلاَّمْ خَشَّاشْ لَحْجار

اخْيَارْ عَدْنَانْ فَأوَّلْ التَّمَغْفِير

بيِه اتْحَصّنْتْ مَنْ حَرْ النار

لاَ رَيْتْ مَنْهَ اللِّي إِيْظَرْ لَحْرِير

واعْلِيهْ صَلّيتْ ابَكَدْ لَحْجَار

اصْدَرْ والْخَلقْ لَكْبِيرْ و اسْغِيرْ

وَانْدَخَلْتْ الدَّارْ بَمْرْ القهّار

وَامْنَيْنْ انْدَخْلَتْ كّامْ تَكْبِير

اشْرِيفْ لَكْبِيرْ ؤً فَاتْ لَخْبار

ؤ لاَ اتْلَ فَمْ كُونْ اتْغَاوِير

وَ اكْدَاتْ النَّارْ فَالْجَوْ لَحوار

اجْمَرْ وَ ارْصَاصْ كِيفْ عاَرَظْ اشْرِيرْ

وَابْكَاتْ الدّارْ كِيفْ ظَوْ انْهار

وَابْكَاتْ تِجَكْجَة الاَّ اغْناديرْ

مَنْ ظَوْ تَكْرارْ قَيْمُوسْ لَشْفار

ؤًطُولْ دَوَامْ كَدِي آَمَادِير

وَانْكْرَظْ مَصْمَارْ كَلاَّبَتْ الْعار

وَاخْلاَتْ انْصَارَه ؤُمَرْ انْدْرِير

مَا فَكْهُمْ الْبَنِي ؤُ لاَ التَّشْبار

وَابْكَ الوَرْوَارْ ادْنَ أَمْن أَيذْخِيـرْ

هَذا حَكْ لُ النٍّاسْ حَظار

مَاهُ امْن الْكذبْ ؤُلَا اتْنَوْجِير

وَابْكَاوْ لَكْلَابْ بَالبَاسْ وَالْعَار

وَالنّاصَرْ الله وَالغَايَرْ  إِغِيرْ !

رحم الله السلف وبارك في الخلَف . 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...