حاضرة التيسير.. أو رواق الصعيدين الشناقطة..


هنالك كتاب مفيد صغير في مبناه كبير في معناه ألفه منذ أعوام أخونا في لله الشريف القاضي الحسن بن محمد الأمين بن محمد فال بن عابدين الصعيدي نائب رئيس المنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه و سلَّم بسَّط فيه أحكام المناسك و سمَّاه " الخُلاصة و الثمرة في أحكام الحج و العمرة ".
 و قد عقدتُ نظما متواضعا لهذا الكتاب سمَّيتُه  " الفاتحة المُعتبرة في نظم الخلاصة و الثمرة في أحكام الحج و العمرة " و كان موضوع محاضرة ألقيتها في الندوة التي نظمها المنتدى في حاضرة " التيسير" شمال انواكشوط مساء يوم الإثنين 27 سبتمبر 2016
:و قد مهدتُ لهذا النظم بمقدمةٍ أختصرُها في ما يلي:
دعونا في مستهل هذه المقدمة الموجزة نتعرفْ على الأصول المرجعية التي انبنى عليها المنهج الصعيدي الشنقيطي الذي ساهم في تشكيل شخصية المؤلِف.
 أعتقد جازما أن المدرسة الصعيدية الشنقيطية هي امتداد طبيعي للمدرسة العدوية الصعيدية التي أسسها الشيخ علي العدوي الصعيدي في أرض الكنانة في بحر القرن الثاني عشر الهجري ثم انتشرت على أيدي تلامذته المتعاقبين من أمثال الشيخ أحمد الدردير فالشيخ عبد العليم الفيومي ثم الشريف سيدي محمد الصعيدي جد الشرفاء الصعيديين و منهم المؤلِف .
ولي على ما أقوله قرائن أرويها في السياق التالي.
 كان في قوم بني عدي القرشيين من منطقة صعيد مصر رجل يسمَّى أحمد بن مكرم الله المنسفيسى العدوي و كان لهذا الرجل شيخ عجيب يدعَى الشيخ عبد الفتَّاح بن إبراهيم البَدْري العدوي رئيس مجلس الشرع في القرية.و كان الشيخ يحب مريدَه لما لاح عليه من مخايل الخير في صغره فدعا له مرة بأن "يرزقه الله ولدا يكون من المحققين في مذهب الإمام مالك – رضي الله عنه".
و استجابة لذلك الدعاء المبارك من ذلك الولي الصالح وُلِدَ الإمام العلامة الشيخ نور الدين علىٌّ بن أحمد الصعيدي العدوي المالكي الشهير بالشيخ علي العدوي فصار شيخ شيوخ الأزهرعلى المالكية وناظرا على وقف و رواق الصعايدة و رائد الحركة العلمية والتعليمية هناك في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي وهو عهد كان الحكم فيه بمصر للأتراك العثمانيين فشملوها " بالعسف والجور والاستبداد وأطفأوا معالم العلم والتعليم في كل مكان سوى الأزهر الشريف".
أما طريقته فقد قال عنه الجبرتي " تلقن الطريقة الأحمدية عن الشيخ علي بن محمد الشناوي  وقد بارك الله في أصحابه طبقة بعد طبقة كما هو مشاهد". طريقتُه إذن هي طريقة القطب النبوي الشريف العلوي أبي العباس شهاب الدين سيدي أحمد البدوي المتوفَّى سنة 1276 ميلادية.
توفي الشيخ علي العدوي الصعيدي في القاهرة سنة 1189هـ - 17755م - رضي الله عنه وأرضاه و قد ألف عشر مؤلفات كلها حواشٍ منها خمسٌ في الفقه المالكي من أبرزها حاشيته المشهورة لدينا على شرح العلامة محمد الخُرشي على مختصر الشيخ خليل و له أيضا حاشيتان في التَّوحيد و واحدة في المنطق و التاسعة على بن عبد الحق على شرح البسملة لزكريا الأنصاري و العاشرة على شرح زكريا الأنصاري أيضا على ألفية العراقي في الحديث .
وقد أخذ على يد الشيخ علي العدوي الصعيدي خلق كثير ممن أصبحوا من مشاهير العلماء أوصلهم بعض الباحثين واحداً وعشرين عالماً ومن أبرزهم القطب الكبير الشيخ أحمد بن محمد بن أبي حامد الدردير العدوي .
 بعد وفاة الشيخ علي العدوي الصعيدي العالم العارف بالله المزاوج بين الشريعة و الحقيقة خلفه الشيخ أحمد الدرير شيخ الطريقة الخلْوتية شيخا على المالكية ومفتشا على وقف و رواق الصعايدة . و لا تختلِف سيرة الخلف عن السلف إذْ كِلاهُما عدَوِي صعيدي أزهري عالم و متصوف.
 والشيخ أحمد الدردير يصفه الجبرتي فيقول " القطب الكبير والإمام الشهير العالم العلامة شيخ الإسلام ".. وكان أحمد الدردير " شجاعاً جريئاً لا تأخذه في الله لومة لائم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر".
 و لعلَّ تآليفَه من أبرز المراجع المالكية المعتمدة اليوم في التدريس و الإفتاء مثل شرحه مختصر الشيخ خليل المتضمِّن خلاصةَ ما ذكره الأجهوري و الزرقاني مُقتصِرا على الراجح من الأقوال، و الذي تعتبر الحاشية التي وضعها عليه تلميذه الشيخ محمد بن عرفة الدسوقي ذات صيت كبير في المحاظر الموريتانية وله أيضا كتاب أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك و شرحه الذي لم يتمه فأكمله بعده الشيخ مصطفى العقباوي و هو من أبرز تلامذته إلى جانب الشيخ أحمد الصاوي و الشيخ صالح السباعي و العلامة عبد العليم الفيومي.
توفي الشيخ أحمد الدردير سنة 1201 هجرية موافق 1786ميلادية  فخلَّف رصيدا من الآثار العلمية يناهز 26 مؤلفا و لم يترك فنا من الفنون إلاَّ طرقه و على يديه تحققت مرة أخرى دعوة شيخ شيخه بإحياء المذهب المالكي إذ استحوذ الفقه المالكيُّ على اهتمامه تدريسا و تأْليفا بل تجاوز ذلك إلى أن أمر تلاميذه بالإنتشار في الأصقاع لبث العلم في صدور الناس.
 هذا و بعد وفاة الشيخ أحمد الدرديرْ توزَّع كبار تلامذته بل و مريديه بينهم الأدوارَ بحيث تفرَّغ الشيخ أحمد الصاوي للتدريس " إلى أن أتاه الإذن العام بأن يتولَّى منصب إعطاء العهود و التصدِّي لتربية المريدين" و عُهد إلى الشيخين صالح السباعي و عبد العليم الفيومي" بمنح العهود".
و لا يَخفى ما لهؤلاء الخلفاء من منزلة علمية و روحية إذ يحتلون الصدارة في الوسط الأزهري آنذاك.
 كان للشيخ عبد العليم الفيومي هذا شأن كبير في عصره إذ تخصُّه المصادر التاريخية الشحيحة بشأنه بالعلاَّمة دون غيره ، و يُستشفُّ من بعض المراجع المعتمدة من ضمنها الجُبرتي (و هو معاصر له و ذو صلة وثيقة به إذ يُفضي إليه ببعض أسراره) أنه كان مرجعية في الصلاح في ذلك العهد.
وهو العلاَّمة عبد العليم بن محمد بن محمد بن عثمان الفيومي المتوفَّى سنة 12144 هجرية . يُعرِّفه الأستاذ عبد الرزّاق البيطار في كتابه "حلية البشر في أعيان القرن الثالث عشر " بالإمام الفاضل العمدة الصالح الكامل ، عمدة الخلف و نخبة من أتقن العلوم و عرف .حضر دروس الفاضل الشيخ علي العدوي الصعيدي رواية و دراية، فسمع عليه جملة من الصحيح و الموطأ و الشمائل و الجامع الصغير و مسلسلات ابن عقيلة ، و روى عن كل من المولوي و الجوهري و البليدي و و عن علي بن محمد بن علي بن العربي الفاسي المصري المالكي السقاط المتوفَّى سنة 1183 هجرية و المنير و الدردير و التاودي بن سوده حين حج، و درس و أفاد.و كان من البكَّائين عند ذكر الله ، سريع الدمعة ، كثير الخشية.و كان يعرف أشياء في الرُّقى و الخواص.دفن في بستان المجاورين بمحفل عظيم من العلماء و الأعيان".
انتصب الشيخ الفيومي إذن لتلقين الورد بعد وفاة شيخه الشيخ أحمد الدردير المتوفَّى يوم 066 ربيع الأول من سنة 1201 هجرية الموافق 27 ديسمبر سنة 1786 ميلادية. و يجدر التنبيه هنا إلى أن الشيخ الفيومي كان قد اشترك مع شيخه الشيخ أحمد الدردير في تعلُّم العِلم على يد الشيخ علي العدوي الصعيدي .
 و تتواطأُ القرائن التاريخية على أنه في تلك الأثناء حلَّ برواق الصعائدة في رحاب الأزهر الشريف فتىً صعيديٌّ يقتفي أثر أسلافه في الإستزادة من العلم و المعرفة في ذلك المورد العذب الزلال.
كان الشاب من مواليد 11999 هجرية و يُسمَّى الشريف سيدي محمد بن السعد الصعيدي و تلقبه والدتُه بالإمام أي أنه وُلد قبل أن يتصدَّر الشيخ الفيومي لتلقين الأوراد بسنتين تقريبا وهي المهمة التي تقلدها الشيخ مدة سبع عشرة سنة.
و في حوالي سنة 1212 هجرية خرج الشريف الصعيدي من مصر و عمره في حدود 133 سنةً بعد أن تلقَّى من الشيخ الفيومي مع التربية و السلوك صريحَ الأمر بالخروج من مصر في سياحة استغرقت عشر سنوات آلت به في نهاية المطاف إلى أرض تيرس من موريتانيا التي وصل إليها في سنة 1222هجرية و عمره آنذاك 22 سنة.و قد توفي الشيخ الفيومي سنة 1214 هجرية أي بعد سنتين فقط من ابتداء سياحة مريده الشريف الصعيدي و بعد أن بلغ المريد 15 سنة من العمر.
 و إذا علمنا أن الشريف سيدي محمد الصعيدي حمل إلى هذه البلاد زادا معرفيا وافرا باعتراف العلماء و على رأسهم شيخ الشيوخ العلامة المختار بن بونَ الجكني الذي لقيه و اختبره، و علمنا كذلك أنه خرج من مصر سائحا و لمَّا يتجاوز الثالث عشرة من عمره ، فإننا نستخلص أنه قد يكون وفد إلى الأزهر الشريف و هو في سن العاشرة من العمر و هي ذات السن التي وفد إليه فيها من ذات المنطقة اثنان من أشياخه على الأقل هما الشيخ أحمد الدردير و الشيخ علي العدوي الصعيدي) 11 سنة( و لم يكن أي منهما إبَّان وصوله خاليَ الوفاض إذ كلاهما لم يلتحق بالأزهر الشريف إلاَّ بعد أن حفظ القرآن و درس أوليات العلوم ، فلا بدَّ أن يكون الشريف الصعيدي قد تقيَّد هو الآخر بتلك القاعدة الصعيدية الراسخة.
و هكذا يكون الشريف الصعيدي قد شدَّ الرِّحالَ من مسقط رأسه في صعيد مصر و التحق بالأزهر الشريف سنة 1209 هجرية و عمره حوالي عشر سنوات كما هي القاعدة الصعيدية الطبيعية المتَّبعَة لدى أترابه النابهين في ذلك العهد .
و انطلاقا من تلك القرائن تكون دراسة الشريف سيدي محمد الصعيدي للعلوم الشرعية في الأزهر قد امتدَّتْ من تاريخ التحاقه به سنة 1209 هجرية إلى غاية خروجه من مصر سائحا سنة1212 هجرية أي ثلاث سنوات .
و لعمري إنها لفترة كفيلة بأن يكتسب فيها الطالب النابه  المتفرِّغ للتحصيل قدرا من المعرفة يُخوِّله صفةَ البارع التي وصفه بها العلاَّمة ابن بونَ خاصة و أنه تتهيأ له من الرعاية ما لم يكن يتهيأ لأشياخه من قبل بفضل إنشاء رواق الصعائدة الذي تم إنشاؤه قبل ذلك بأكثر من أربعين سنة و تضاعفت أوقافه و ضَبَطَ تنظيمَه بإحكام الناظرُ عليه الذي ليس هو سوى شيخه الشيخ عبد العليم الفيومي نفسُه.
 ولا يستبعد أن يكون الشريف الطالب قد واصل تعميق دراسته خلال السنوات العشرة التي استغرقتْها رحلتُه، إمَّا في مراكز علمية صادفها في طريقه وإما من بطون الكتب التي قد يكون اصطحبها معه أثناء سياحته الطويلة.
 و إذا جاز لنا أن نتساءل عن الدوافع المستساغة التي أدَّت إلى إصدار الشيخ الفيومي الأمر إلى مريده الأزهري الشاب اليافع للخروج من بلاده ، فإننا نجدها دون كبير عناء في حرص الشيخ الفيومي على انتهاج منهج أشياخه العدويين الصعيديين وخاصة منهم الشيخ أحمد الدردير نفسه الذي أمر بعض تلاميذه بالخروج من القاهرة و الإنتشار في مصر لنشر العلم لا سيما أن تلك الفترة الزمانية بالذات كان فيها العلم و العلماء يعانون من مضايقة الحكم العثماني المستبد.
 و استنادا إلى تلك المعطيات يَسُوغُ لنا أن نُقرِّرَ أن المدرسة الفيومية أو الحضرة الفيومية الروحانية التي انطلق منها الشريف الصعيدي ليست سوى امتداد طبيعي للمدرسة العدوية الصعيدية )نسبة إلى الشيخ علي العدوي الصعيدي شيخ الشيخين الفيومي و الدردير( و هي المدرسة التي ما فتئتْ تتجسَّد فيها تلك الدعوة الصالحة التي أطلقها ذلك الولي الصعيدي يوما لإحياء مذهب الإمام مالك!
 و مهما يكن من أمر و سواءً أكان الشريف سيدي محمد الصعيدي جاء حاملا لرسالة معينة أو أتى لمجرَّد سياحة صوفية ، فقد أرسى خلال العقد الزماني الذي قضاه في هذه الربوع قواعد المنهج الصعيدي الدرديري الفيومي الأصيل القائم على ثلاثة مرتكزات أساسية هي: بث العلم في قلوب الناس على أساس فقه الإمام مالك مع المزاوجة بين ثنائية الشريعة و الحقيقة و القيام بوظيفة الصدع بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر دون أن تُخاف في ذلك لومة لائم والسعي في مصالح المسلمين عامة.
 جاء الشريف سيدي محمد الصعيدي إلى هذه البلاد يحمل معه شحنة روحانية طافحة يضبطها علم غزير قوامه الفقه المالكي وهو في ذلك مُتَّبِع لا مُبْتَدِع.
 ألم يكن الرائد المؤسس لهذه المدرسة الشيخ علي الصعيدي يتقلد مشيخة السادة المالكية في الأزهر الشريف إلى جانب تصدره للتربية والسلوك على طريقة الشيخ أحمد البدوي وشعاره في ذلك قوله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}كما ورد في الإجازة التي أصدره بها شيخه الشيخ علي بن محمد الشناوي ؟ ألم يكن تلميذه أبو البركات الشيخ أحمد الدردير هو خليفته المتربع على كرسي الفقه المالكي في الأزهر الشريف إلى جانب خلافته للشيخ الحفناوي في الطريقة الخلوَتية؟ ألم تكن قد انتهت إلى الشيخ عبد العليم الفيومي هو الآخر خلافة شيخه الشيخ الدردير في رئاسة المالكية وإعطاء العهود؟
وما فتئ الشريف الصعيدي بعد وصوله إلى هذه البلاد يذكر شيخه الشيخ الفيومي بما يفيد التعلق والإعجاب.
 و قد صادف منهجُ الشريف الصعيدي صدًى واسعا في قلوب الناس فاحتضنوا صاحبه بالقبول إذ زكَّاه العُلماءُ ومدحه الشعراء و سلَّم له الأولياء و احترمه الأمراء و بسط الله له النصر بين العامة و الخاصة من كل فئات الشعب.
 عاش الشريف سيدي محمد الصعيدي في فضاء يمتدُّ من أرض تيرس إلى ضفاف نهر السنغال فكان بحق ظاهرة ملأت الدنيا و شغلت الناس طوال عقد من الزمن بثَّ خلاله العلم و ربَى القلوب و تزوج من أعيان القوم فأنجب ذرية صالحة ظلت وفية لنهجه النَّيِّر المُنِير .
وبينما هو كذلك إذ دعاه داعي الوطن فاشتاق إلى مربعه  وعنَّ له أن يؤوب إلى تلك البقاع الحبيبة فجمع عيالَه ومالَه وأراد أن يُبدِّل حالّهْ ليكون هنالك مآلَهْ.
و ما فتئ الشريف الصعيدي يستعد جاهدا لذلك الرحيل المرتقب إلى أن حنَّ إليه " الجذع الأخضر" في أقصى الجنوب من هذه البلاد التي آوته برفق و أحبته بصدق ، حيث صعدت روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى ،رضي الله عنه وذلك سنة 1232 هجرية عن عمر يناهز 33 سنة و دفن في موقع يسمَّى "يَطْيُونْ" في مُنتَصَفِ الطريق بين المذرذره و روصو ، رحمه الله رحمةً واسعة.
ومن أرض تيرس المباركة حيث وضع الشيخ عصا الترحال إبان قدومه إلى هذه الربوع وحيث ابتدأ  مهمته التربوية لأول مرة ، علم تلميذه الشاعر امحمد ولد الطلبه اليعقوبي بوفاته فرثاه بقصيدة عصْماءَ وانتقى له صخرة مستطيلة صمّاءَ من جبال تيرس الراسية ، و حفر عليها اسم شيخه بخطه التقليدي الجميل وانطلق بها مسرعا فزاره و وضعها على قبره الشريف.
 ولا يزال ذلك العلم المتميز حتى الآن معْلما بارزا يستدل به على قبر الشريف الصعيدي روادُ تلك المقبرة الوافدون إليها بانتظام من كلِّ حدَب وصوب.
 و بالرغم من أنه قد مضى على وفاة الشريف الصعيدي أكثر من قرنين إلاّ أنَّ منهجه المتميز ما فتئ يقيِّض الله له من ذريته و الحمد لله و من ذرية مريديه عبر الأجيال والأحقاب رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يحرصون على إحياء هذا منهج وفاءً لحق الشيخ و ابتغاء مرضاة الله ينشرون العلم في قلوب الرجال على أساس فقه إمام دار الهجرة رضي الله عنه و يحيون الشريعة ويرعون الحقيقة و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر لا يبتغون في ذلك إلا وجه الله العظيم و يهتمون بمصالح المسلمين.
 و في ذلك الإطار تندرج نشاطات المُنتدى العالمي لنصرة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم برئاسة حفيد الشريف سيدي محمد الصعيدي شيخنا الشيخ علي الرِّضا بن محمد ناجي بن سيدي محمد بن محمدْ بن عابدين بن ابَّإهْ الشريف بن الشريف سيدي محمد الصعيدي حفظه الله و رعاه المولود ليلة الجمعة 27 من ربيع الثاني سنة 1390 هجرية في أَفَجَّارْ) يتوسط بين أَغَوْرَسْ و لفريوه (القائل في رسم المبادئ التي يتركز عليها هذا المنتدى الأبيات التالية:
مبادئنا الثلاثة يا صفيُّ == بها نرضى ومنهجها جَليُّ
بعلم الشرع نبدؤها لزاما ==و نُتْبِعُ بَعْدُ ما سنَّ النبيُّ
ونأمر بالشريعة في اتئاد  ==ونرجو أن يساعدنا العليَّ
و أجزم بأن هذا المنتدى هو أكبر تجليات هذا النهج الصعيدي القديم القويم.
 و للمنتدى نشاطات دينية حافلة منتظمة و الحمد لله تنعقد أسبوعيا في حاضرة " التيسير" المحروسة و و هي أحد " أروقة الصعيديين " الشنقيطية المنتشرة في هذه الربوع والتي يأوي إليها الصعيديون وغيرُهمْ من رواد العلم والمعرفة المجنَّدين لنُصرة الله و رسوله مباشرة أو بواسطة البث عبر الأثير فتبارك الله أحسنُ الخالقين.
 ويتوفر المنتدى على جهاز إداري و علمي و فني محكم يضطلع بمهمة الإشراف ة التسيير يوجد في قمة الهرم فيه المؤلف الذي هو نائب الرئيس و المفتي العام شيخنا العلامة الشيخ بن حمَّ بن عابدين الصعيدي.
و ضمن نشاطات المنتدى يدخل إصدارُنا اليوم هذا الكتاب ا.
 و إنِّي إذ أنشر هذا النظم لأرفع أكف الضراعة إلى الله العليِّ القدير لأسأله لكل من قرأه أن تشمله دعوة المؤلف الذي وردت في مقدمة كتابه موضع النظم و هي هذه: ʺ اللهم إنيَ أسألك لي ولمن قرأ هذا الكتاب أو سمعه أو سَعَى في شيء منه الإخلاصَ في الأعمال كلها وصلاحَ الدارين مع كفاية 
.همِّهِمَا و أن توفقنا لما تحب وترضاه ʺ.
هذا و قد شاء صديقي الفقيه الوزير أحمد ولد أهل داوود أن يقرظ هذا الكتاب فكتب مشكورا ما يلي:
بسم الله الحمن الرحيم     و صلى الله على نبيه الكريم
أما بعدُ فإنِّي طالعتُ كتاب " الفاتحة المعتبرة " لأخينا الفاضل ابن الفاضل الأستاذ محمدن ولد سيدي ولد خالُنَا - بدنَّ .
و قد أفاد الباحث في الفقه بنظم رقيق رائع يدخل القلوب دون استئذان جمع فيه متعة الفقه و الأدب .
نرجو من الله العليِّ القدير أن يتقبل منَّا و منه و أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم .
أحمد ولد أهل داوود
وزير الشؤون الإسلامية و التعليم الأصلي
في التاسع و العشرين من ربيع الأول 1438 هجرية 29 . 12 . 2016 م

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..