في ذكرى أخي في الله الطيِّب ولد بوْبَّ طيَّبَ الله ثراه..

في ذكرى أخي في الله الطيِّب ولد بوْبَّ طيَّبَ الله ثراه..
15 ابريل 2018 م
رحم الله أخي في الله الطيِّبْ ولد بوبَّ كان بالنسبة لي من أكبر الإكتشافات التي صادفتها طوال مسيرتي الإدارية.. و كنت مولعا بالعيّنات النادرة من الناس.. أما هو فكان من أندر تلك النوادر.. اكتشفته لما يتمتع به من حس أدبي و سياسي مرهف و كلاهما صيغ في قالب من الطرافة عجيب. كان رحمه الله ذا مجالات متعددة و لكن ميزته دون غيره أن كل تلك المجالات ينتظمها سلك واحد هو الطرافة ! كانت مداخلاتُه في الإجتماعات و المهرجانات تُصاغ في قالب تُستساغ به بسهولة و شغف.. هو أيضا ذو رأي ثاقب . و عندما أعقد الإجتماع السياسي أو الإداري كنت أرتاح لوجوده ضمن الحاضرين.
فهو يَفهم عني أكثر من غيره و يُفهمني أكثر من غيره.. له قدرة غريبة على اختيار الألفاظ القريبة المعبرة عن المعنى المراد. هو " مسهل " الإجتماعات le modérateur
يوجه النقاش و يلطف الجو.. مقبول رأيه من جميع الأطراف الإجتماعية و السياسية لأنه واسطة العقد في المجتمع. نشأت بيني و بينه ألفة خاصة منذ اللحظات الأولى لقدومي إلى تلك المقاطعة. و هو من أؤلئك الذين لا يُحرجونك بطلب المستحيل و لا بالإلحاف في طلب المتاح.
و بعيدا عن السياسة و الإدارة ، كانت تنعقد بيني و بينه جلسات خاصة في المنزل يأخذ فيها من كل فن بطرف لا تخلو من ذكر خاله آبَّ ولد اخطور و جدتي غديجه بنت محمد العاقل معلمة العلامة المختار بن بونه.
في إحدى العطل الصيفية بقيت وحدي في المنزل فأصبحت جلساتنا شبه منتظمة و انضاف إلينا صديق له حميم هو الشيخ حمادي بن الدمين و هو شكله المنجذب إليه في الظاهر و في الباطن إذ يشتركان في الظرافة و الأدب و في مسحة من التصوف جلية في أحدهما خفية في الآخر.
كانت لهما أحاديث ممتعة تتصدرها ذكريات جميلة من الماضي يتقاسمانها مع صديقهما المشترك الشاعر الطريف مولاي أحمد ولد مولاي
و من أطرف ما علق بذهني من تلك الذكريات ما تذاكرا حوله مرة. قال الطيب: ركبنا الطائرة مرة أنا و الشيخ حمادي بين مدينتين في افريقيا فتعرضت الطائرة لاضطرابات استغرقت بعض الوقت. و كان للركاب جراءها رعبٌ و ذعرّ و في خضم ذلك التفت إلي الشيخ حمادي و قال لي: إذا كتب الله لأحدنا النجاة و كان ذلك من نصيبك، فاقرِ الشريف مولاي أحمد مني السلام و قل له إنه ما كان له أن يدعي على غير وجه حق شرعي "كافي " ذلك الذي أنشأته في جنداره بنت أحمد ولد اعلي ليلة أن كنا في خيام من رعاة الإبل ينتجعون في مكان ما من الركيبه!
و كانت أول مرة ألقى فيها الشيخ حمادي هي عندما زارني الفنان أحمد ولد الشويخ قبل ذلك بقليل و قال لي قراي لديك أن تعيرني جهاز تسجيل يصحبه زاد معتبر من الأشرطة و البطاريات و توفر لي دليلا يدلني على منزل الشيخ حمادي ولد الدمين فسألته عن من يكون الرجل فقال إنه ظاهرة و استرسل في توصيفه . وصفه بعديد الأوصاف الحميدة منها أنه لا يُبارى في الشعر الحساني و ساق على ذلك أمثلة من شعره البديع و طرائف له مع كبار الأدباء و خاصة في مجلسيْ همام فال و سيدي ولد الداهي في انواكشوط.
قضي أحمدْ ولد الشويخ معي أياما و هو دائب التسجيل من إنتاج الرجل الذي كان بحق معينا لا ينضب . و كانت لنا في غرفة التسجيل جلسات خاصة ربما حضرها صديقنا المُشترك الطيب بن بوبَّ .
و غادرنا ذلك الضيف الظريف و الأديب اللبيب و لكنني حرصت على أن تستمر اجتماعاتنا متواصلة بعده.و هنا استطاع كل من الرجليْن أن يستثير من رفيقه على درب الطفولة و المراهقة ذكريات جميلة و حكايات عجيبة.
كنا نأوي إلى تلك الجلسات الماتعة على حين غفلة من السياسة التي يعتمل فيها أوار المنافسة الشرسة في الإنتخابات البلدية بين لائحة الحزب الجمهوري و ائتلاف من أحزاب المعارضة الراديكالية على خلفية طائفية بارزة مبنية على بساط يزاوج بين الحركية القومية النشطة و الحمية القبلية الدفينة.
إنها أول مناسبة تحتدم فيها المواجهة السياسية في المقاطعة منصهرةً في قالب الأحزاب ، بين طائفة وزير الخارجية السابق محمد عبد الرحمان ولد اميْن حديث العهد بوزارة الخارجية و وزير الصيد الجديد وزير الداخلية في ما بعد محمد الأمين السالم ولد الداه.
افتقدنا في جلساتنا الهامشية تلك منعشها الأساسي الشيخ حمادي ولد الدمين و لا زلنا نطلب خبره و نتقصى أثره حتى إذا صادفنا بعد حين من يخبر بوجوده محجوزا في العيادة الخاصة لابن عمه ولد آمين في كيفه عاصمة الولاية يتعالج فيها من كسور أصيب بها إثر سقوطه من فوق جمله في حدود مقاطعة كنكوصة المجاورة.
و بينما أنا أستعد لشد الرحال لزيارته هناك إذ دخل علي الحرسيُّ في المكتب ليخبرني أن بالباب شخصا أسمر اللون ذا لكنة أعجمية يحمل إليَّ رسالة مهمة يحرص على توصيلها بنفسه.دخل الرسول و ناولني الرسالة فإذا به خادم البيت لدى الشيخ حماد ولد الدمين في كرو يحمل مكتوبا يتضمن كَافا من ثمان تيفلواتن يقول :
يالحاكم بدنَّ يالخالْ :: يالشمشاوِ يكيس لكياسْ
لينْ ال طيحنِ فحْلْ اجمال :: و اكسر عظمِ عاد آمنَّاسْ
أُ حصرتْ تجَكانتْ بكمال :: و أهِلْ كرو من كل أجناس
ما كنت انقدَّر عن - محال- :: يسبكك ل حد امن الناسْ!
لقد صدق الشيخ حماد و إن كان لي في تأخر وصول النبأ و تعطل السيارة و بعض المشاغل الإدارية الملحة بعض المعاذير.
و في الزوال أمليت على السكرتير الموهوب محمد ولد كيبود طلعة حملتها إليه مساءً في منزله في طرف المدينة الغربي و و اصلت الطريق إلى انواكشوط في عطلتي السنوية الرسمية.
و قلت في نفسي إن ارتضاها نشرها و إلا سترها.
و بينما كنت مرة في زيارة للمدرسة الإدارية في انواكشوط ، إذْ صادفت بها من أبناء كرو من يذكر القطعة راويا عن الشيخ حماد مباشرة و هي هذه:
آنَ سامع كنت ابذِ الحالْ :: أ ريت اتخاليف أفطن لقوال
افذَ من كوّال الْ كوَّال :: يالشيخ انك كنت ابش حاسْ
كالُ مقواس أ مرَّ كال :: كوّال انك جابر تحساس
و اسمعت انك نكَّس تنكال :: ما شِتْكَ بيكْ اجمل نكَّاس
و مسِّتْنِ نفسيِّتْ لخوال :: و اخلكْ لِ شِ ماهُ قياس
و ابذاكْ الِّ حسيت اكبال :: منك عدتْ أمتن بيه احساسْ
أ حال اصَّ دون امجي حال :: فالحالْ أ لمج حكْ أساس
و انت لمج لُ تستهالْ :: و اسو كد الْ جاك امن الناس
و اندور انكيسك ما يُسال :: أ لان للناس أصلا كيَّاس

ألا فم أعظام اصَّ و افهم :: و اسو ما كستك ماه ابَّاس
أ لا لاهِ لك من كسر اعظم :: يطراو أعظام انت عسّاس
غيْرْ إلى عادُ كانُ فم :: ذوكْ ألا حظرُ فالتنكَاسْ!
وأعود إلى الطيب رحمه الله لأقول إنه كان من الداعمين لتلك المبادرة بل المخاطرة الجريئة التي اتخذتُها آنذاك برفع إعدادية كرو إلى مستوى ثانوية !نعم إنها فعلا مخاطرة و ما كنت أتصورها كذلك لولا أنني توصلت إلى تلك النتيجة بالحجة و الدليل
.في كرو عاصمة الثقافة ومصدر العلم ومنبع الحيوية و قلعة الطموح ظلت جدران السنة الثالثة من الإعدادية تمثل حاجزا تتحطم على صفحته أحلام و آمال بعض الطلاب و خاصة من النساء إذ لا يستطيع مواصلة دراسة المرحلة الثانوية سوى الميسورين مِن مَنْ باستطاعتهم الإنتقال قسرا إلى كيفه أو انواكشوط حيث توجد الثانويات. .و لا يخفى ما لهذا الإنتقال الجماعي من آثار اقتصادية و اجتماعية على الفرد و المجتمع.
و كان الخاسر الأكبر في انعدام الأقسام الثانوية هو الطالبات إذ قد تتيح الظروف المالية ما تمنعه المحافظة من الإنتقال إلى المدن. و لم أعد أتذكر كيف أني صرفتُ عطلتي برمتها في العاصمة لأقنع الدوائر المختصة بافتتاح أقسام ثانوية في كرو فلم أظفرْ إلا بحل وسط انتزعته انتزاعا من الوزارة بتماليءٍ صريح مع مدير التعليم الثانوي آنذاك صديقي الحميم و جاري في الحي السيد المختار ولد أوفى.بموجب ذلك الحل الوسط تلتزم الوزارة بل يلتزم المدير بافتتاح الأقسام الثانوية المطلوبة فور بناء آباء التلاميذ في المدينة حجرات دراسية جديدة تستجيب للمواصفات الفنية المعتمدة من قبل مشروع التهذيب رقم 3.
ما إن عدتُ إلى كرو و في جعبتي وعد مقرون بشرط كاد أن يكون مفقودا لولا أن أسعفنا الإسعاف و رب ضارة نافعة !ذلك أن استلامي للعمل قد صادف استلام حصة معتبرة من القمح المجاني جاءتْ لتنضاف إلى حصص سابقة أحجم الحاكم السابق عن توزيعها نظرا لخلافات حادة بين المستفيدين.و من خلال أزمة الإسعاف المتراكم أُلهمتُ الحل أو الحيلة على الأصح وسرعان ما باشرتُ التنفيذ بالتعاون مع الفاعلين المحلين و بعض المنتخبين.أنشأتُ لجنة لتسيير المشروع تضمنت البرمانييْن و العمدة و مدير الإعدادية المنفذ و الآمر بالصرف و رئيس قسم اتحادية التجار أمين الخزينة و المورد الرئيسي.و بقدرة قادر قبل المستفيدون من الإسعاف ذوو الحصص المضاعفة من جميع البلديات المساهمة في تنفيذ ذلك المشروع بصرف مبلغ زهيد لا أخاله يتجاوز المائة أوقية من الفئة القديمة ! و هكذا انطلق المشروع الذي قيض له الله خبيرا في البناء جنسيته سنغالية صادف أن جاء إلى المدينة منتدبا من شركة سنيم المشرفة على بناء المحطة الكهربائية للمدينة فزاوج بين المشروعين و أحرز الأجريْن .ولعل ممَّا ساعدنا في سرعة إنجاز الأشغال أن ذلك البنَّاء المتقن لعمله لمَّا علم المشرفون في المحطة الكهربائية بانشغاله بعمل آخر فصلوه دون سابق إنذار فتفرغ لمشروعنا لا يشغله عنه أي شاغل!. و بفضل الله و عونه أُنجزتْ تلك الحجرات و أظنها أربعة بمجهود المواطنين حتى إذا بلغت المراحل النهائية تلقتْ اللجنة دعميْن أحدهما من حصة البلدية من الصندوق الجهوي للتنمية و الثاني من أحد أبناء المدينة و أطرها هو معالي وزير الداخلية محمد الأمين السالم ولد الداه و كلا الدعمين من مئات ألوف من الفئة القديمة. و هكذا اكتملتْ الحجرات على أكمل صورة و في ظرف زماني قياسي و تزامن ذلك مع الإستعداد للإفتتاح الدراسي الجديد فسارعتُ إلى انواكشوط و من هنالك لحقتُ بمدير التعليم الثانوي فنزلتُ ضيفا عليه في مكان ما من البادية و من هنالك اتُّخِذَ القرار التاريخي بافتتاح أقسام دراسية للمرحلة الثانوية في إعدادية كرو و تحويل الإعدادية إلى ثانوية و ترقية مديرها منفذ المشروع من مدير إعدادية إلى مدير ثانوية. و بالمناسبة أذكر أنني بينما أنا في خضم التداعيات المتعلقة بذلك المشروع ، إذ طرق بابَ المنزل زائر كنت أتوقعه في أي وقت إلا ذلك الذي قدم إلي فيه.إنه المفتش المنتدب من قِبَلِ ممثلية البرنامج العالمي للتغذية في انواكشوط تلك الهيئة العالمية السخية التي تُسعف المواطنين بإسعافها من قمح و لبن و دهن إذ لا تهتم إلاَّ بغذاء أبدانهم لا أرواحهم ببذل علم أو فكر. و ما إن اكتملت مراسيمُ الضيافةِ الإعتياديةِ حتّى بدأ التفتيش على خلفية اتهام صريح بأن المواطنين المستفيدين من الإسعاف في كرو دون سائر مقاطعات الوطن أُلزموا ظلما بدفع مبلغ و لو كان زهيدا إلا أنه مقابل إسعاف مجاني منحتهمْ إياهُ دول أجنبية و ما كان لهم أن يستحقوه إلا لاتصافهم بصفة الفقر المدقع و الإدارة و الهيئة كلاهما مجرد رسول مؤتمن من أجل توصيل صدقة معينة بمقدار معين إلى مُصرفها المعروف!. المهم أن السيد المفتِّش رغم بذلته العصرية الراقية و مظهره الغربي الأنيق كان رجلا من البيظان و يظهرأنني خدعته فانخدع بسهولة بأن لا علاقة مطلقا بين المائة المدفوعة و الحصة المستلمة و إن اشتركتا في لائحة موحدة أعتمدتها الإدارة أساسا لتوزيع الإسعاف على المواطنين كما استأنس بها المسؤؤلون السياسيون و التقليديون في الأحياء من أجل تسهيل مهمة كل مواطن يستعد للمساهمة طواعية بمبلغ رمزي في تنفيذ مشروع ذي مصلحة عامة محققة و هو ما يُعرف في التقاليد الإجتماعية العريقة باسم اللَّوحة ! و لكن مهمتي في إقناع المفتش كانت أسهل بكثير من إقناع تلك العينات القليلة من المسؤولين في الأحياء الذين وقع عليهم الأختيار صدفةً من قبل المفتش لاستفسارهم حول الموضوع. المهم أن التفتيش قد اكتمل بسلام مع ذلك المفتش الصارم الذي ربما تكون قد شفعتْ لي عنده التقارير السابقة في المقاطعات السالفة..
و أعود إلى الطيِّبْ ولد بَوْبَّ رحمه الله لأقولَ إنه أرسل إليَّ مرة بالقطعة التالية ::
عليك سلام الله يا خير ناصح == ويا خير غاد لى و يا خير رائح
فموجبه أنا نقدر دائما == وقوفكم فى جلب كل المصالح
وإن كان منا من يقول بغير ذا == فلا بدّ من مثن عليك و قادح
وأنتم محط الرحل منا وكلنا == سياخذ منكمْ قدْرَ جَمِّ القرائح...
و بينما أنا أستعد لجوابه بقطعة مماثلة مصطبغة بصبغة البروتوكول الإداري إذا بالحرج قد رُفع إذْ صدر فجأة قرار تحويلي مديرا مساعدا في إدارة ناشئة في الوزارة هي إدارة التشريع و الترجمة و التوثيق و كان معالي الوزير محمد الأمين السالم ولد الداه و هو أحد أبناء القرية كما هم معلوم و كان قد أخبرني قبل ذلك بأنه هو من أقنع بإحداثها لحاجة التعريب معالي الوزير الأول آنذاك السيد سيدي محمد ولد ببكر.
عندئذ استحالت القطعة قصيدة طويلة نسبيا لأخوالنا الكرام إذ أنَّ جدنا الأعلى العلامة المختار بن خالُنا ( و هم عم محمدْ والد بن خالُنا و شيخه في العلم الظاهر كما ذكر أحمدُّ بمبَ بن الألمين في كتابه " الصلة المبرورة في شعر امحمد بن أحمد يوره ) أمه كما ذكر والدُ في كتاب الأنساب هي الناجمه بنت سيد أحمد بن المصطفى بن أبانحمد الجكني. أما القصيدة فهي هذه:
ألا يا خيال الشعر إن تك ناصحي == أرى النصح في هذا المقام بسانح
أتاني سلام طاب من نظم "طيِّبٍ "== و ما الكف عن رد الجواب ببائح
فلا تك عني يا خيال مجنحا == و لكن خيالي كن علي بجانح
لعليَ من غر المعاني أصوغ ما == أود لخلي صوغه من مدائح
لقوم لهم ود صفا و عواطف == تجاههم ضاقت بهن جوانحي
فهم سادة للخير خير مفاتح == فأكرم بهم من سادة و مفاتح
رجال بهم أرض الرجال تبوأت == مبوأ صدق في المحافل رابح
سل المغرب الأقصى و سل مصر عنهم == تبارك فيهم ذو العلا خير مانح
سل الشام سائل بالجزيرة أربعا == تروت بريًّا بالرسالة فائح
و إفريقيا سلها و في الغرب سائلن == فكم أمها من جمعهم كل فاتح
فمهما تسل عنهمْ تُسَلَّ بمنطق == به ناطق في سعيهم كل سائح
تزود بأضواء البيان بيان ما == تغنَّى به في مدحهم كل مادح
فما مسلم إلا تزوَّد زادهم == و بالنصح روّى من نصيحة ناصح
و نحو العلا علا عُلاً بوسيلة == و منهاج حق ساطع النور واضح
و أحيى محمد يحي عهدا و معهدا == عهدناه فيه خير خل مصالح
و قبلة أهل العلم يحظيه عده == فيا حسن برق للهدى منه لامح
كذا آل ديدِي إذْ لهم سَنَنٌ على == سنا للهدى و البذل و العلم لائح
و مِنْ فضلهم مهما تراءت ملامح == تراءى لراء فوق تلك الملامح
كذا آلَ أحمد الولي جاد للورى == كبحر خضم زاخر اليم جامح
و لا تنس ذكر الشيخ سيد الأمين يا == لذكر له ملء الربى و الأباطح
اؤلئك أخوالي نماني إليهم == ـ كما العلم ينمى ـ صالح نجل صالح
فكم كان من جاكان علم و نائل == و فهم تسامى عن جميع القرائح
فعلمهم بالعقل و النقل قد سما == و فضلهم يسمو بجلب المصالح
فما الفضل إلا ما نمته ربوعهم == فدأبهم بذل الندى و النصائح
و ما العلم إلا ما روته نقولهم == و كم من فتى غاد إليه و رائح
و ما الفهم إلا ما وعته عقولهم == متى خبر الفتيان عقل المنافح
و قد رجَّحتْ منهمْ عقولاً نقلُهمْ == و رب إناء بالذي فيه راشح

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

فصل الغزل و النسيب من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره

الشيخ التراد ولد العباس: قصتي مع الديوان...

فصل الغزل من ديوان العلاَّمة امحمد بن أحمدْ يوره..